للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: كَانَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُؤَاذِّنَانِ: بِلَالٌ وَابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ الأَعْمَى. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ بِلَالاً يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ". قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا إِلَّا أَنْ يَنْزِلَ هَذَا وَيَرْقَى هَذَا.

(...) وحدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ.

(...) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ. ح وَحَدَّثَنَا إِسْحَاقُ، أَخْبَرَنَا عَبْدَةُ. ح وَحَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ مَسْعَدَةَ، كُلُّهُمْ عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بِالإِسْنَادَيْنِ كِلَيْهِمَا. نَحْوَ حَدِيثِ ابْنِ نُمَيْرٍ.

ــ

فقيل: نصف الليل، وقيل: لسدسه، وقد جاءت قولة شاذة معروفة فى إباحته بعد العشاء الآخرة، وقد تعلق أصحاب أبى حنيفة بقوله: " ليرجع قائمكم، ويوقظ نائمكم "، وقالوا: إنما كان يؤذن للسحور لا للصلاة، وهذا بعيد، إذ لم يختص هذا بشهر رمضان، وإنما أخبر عن عادته فى أذانه؛ ولأنه العمل المنقول فى سائر الحول بالمدينة، وإليه رجع أبو يوسف حين تحققه، ولأنه لو كان للسحور لم يختص بصورة أذان الصلاة.

وجاء فى كتاب مسلم أنه لم يكن بين أذانيهما إلا أن ينزل هذا، ويرقى هذا. وجاء فى الحديث الآخر فى الصحيح فى الموطأ وغيره: " وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت " (١)، قالوا: أى قاربت الصباح، وقيل: على ظاهره من ظهور الصباح، وقد جاء فى صحيح البخارى: " لا يؤذن حتى يطلع الفجر " (٢)، ومجموع هذا أن بلالاً كان يتربص شيئاً يدعو بعد أذانه أحياناً، ويرقب الفجر، ثم يصعد ابن أم مكتوم لأول بادى طلوعه. وحيث يحرم الأكل إذا أعلمه بذلك، إذ كان ابن أم مكتوم أعمى لا يؤذن حتى يقال له: أصبحت، أى قاربت على أصح الوجهين، وعليه يحمل قوله: " حتى يطلع الفجر " أى: قارب ذلك. وكان أذان ابن أم مكتوم علماً على وقت الامتناع من الأكل حوطةً للفجر، ولعل بتمام أذانه يتضح الفجر، ووقت الصلاة على أحد التأويلين فى " أصبحت "، وقيل: قد يكون راوى قُربَ ما بينهما شاهد ذلك،


(١) الموطأ، ك الصلاة، ب قدر السحور من النداء ١/ ٧٥، ٧٦، البخارى، ك الأذان، ب أذان الأعمى إذا كان له من يخبره.
(٢) البخارى، ك الأذان، ب الأذان بعد الفجر.

<<  <  ج: ص:  >  >>