للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٩ - (١٠٩٣) حدّثنا زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: قَالَ رسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدًا مِنْكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ - أَوْ قَالَ: نِدَاءُ بِلاَلٍ - مِنْ سَحُورِهِ، فَإِنَّهُ يُؤَذِّنُ - أَوْ قَالَ: يُنَادِى - بِلَيْلٍ، لِيَرْجِعَ قَائِمكُمْ، وَيُوقِظَ نَائِمَكُمْ ". وَقَالَ: " لَيْسَ أَنْ يَقُولَ: هَكَذَا وَهَكَذَا - وَصَوَّبَ يدهُ وَرَفَعَهَا - حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَفَرَّجَ بَيْنَ إِصْبَعَيْهِ ".

(...) وحدّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ - يَعْنِى الأَحْمَرَ - عَنْ سُلَيْمَانَ التَّيْمِىِّ، بِهذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: " إِنَّ الْفَجْرَ لَيْسَ الَّذِى يَقُولُ هَكَذَا - وَجَمَعَ أَصَابِعَهُ ثُمَّ نَكَسَهَا إِلَى الأَرْضِ - وَلِكنِ الَّذِى يَقُولُ هَكَذَا - وَوَضَعَ الْمُسَبِّحَةَ عَلَى الْمُسَبِّحَةِ وَمَدَّ يَدَيْهِ ".

ــ

واختلف حال بلال فيه، فأخبر عما شاهده، ومقصد الحديث يدل على أن ما بينهما ليس بقريب.

قال القاضى: وهذا التأويل يبعد على راوى هذا الحديث، وهو ابن عمر لكثرة ملازمته الصلاة مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ومواظبته له، والتأويل [الأول] (١) أظهر، وفيه حجة على الاقتداء بثقات المؤذنين، وتقليدهم فى الوقت، والعمل بخبر الواحد فى العبادات، وفى قوله: " إن بلالاً [ينادى] (٢) بليل " إلى آخر الحديث: دليل على أن ما بعد الفجر ليس من الليل، وقد يتعلق بهذه الألفاظ من يرى رأى بعض متقدمى الصحابة والسلف، فى أن يتبين الخيط بعد الفجر، ويحتج به من يرى إباحة الأكل حتى يتيقن طلوع الفجر، وإن كان شاكاً فى طلوعه، وهو قول الكوفيين، والأوزاعى، وابن حنبل، وأبى ثور، والشافعى. وقال مالك: لا يأكل، وإن أكل فعليه القضاء، وحمله أصحابنا على الاستحباب.

ثم اختلفوا من ذلك إلى طلوع الشمس وإن كان أجمع أئمة الفتوى بعدهم على أنه لا يجوز الأكل بعد طلوع الفجر، واختلفوا بعد ذلك فيمن طلع عليه الفجر، وهو على يقين أنه من الليل وهو يأكل، أو يطأ، فكف عنهما، هل يجزئه، فقال ابن القاسم: يجزئه فى الأكل والجماع، وقال عبد الملك: يجزئه فى الأكل ولا يجزئه فى الجماع، ويقضى فيه، وهو قول الشافعى، وأبى حنيفة وفيه جواز اتخاذ مؤذنين فأكثر للصلوات.


(١) و (٢) سقطتا من الأصل، واستدركتا فى الهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>