للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِقَدَحٍ مِنْ مَاءٍ فَرَفَعَهُ، حَتَّى نَظَرَ النَّاسُ إِليْهِ، ثُمَّ شَرِبَ. فَقِيلَ لهُ بَعْدَ ذَلِكَ: إِنَّ بَعْضَ النَّاسِ قَدْ صَامَ. فَقَالَ: " أُولئِكَ العُصَاةُ، أُولئِكَ العُصَاةُ ".

ــ

له بعد ذلك: إن بعض الناس قد صام، فقال: " أولئك العصاة [أولئك العصاة] (١) ": جل الفقهاء أن من أصبح صائماً فى الحضر ثم سافر أنه لا يفطر فى يومه، وذهب بعضهم إلى ذلك له، وكان هذا فرع بين أصلين:

أحدهما: أن من أصبح صائماً ثم عرض له مرض فإنه يباح له الفطر.

والثانى: [أن] (٢) من افتتح الصلاة فى السفينة حضريةً، ثم انبعثتْ به السفينة أثناء صلاته متوجهاً إلى السفر، أنه يتم صلاته حضرًا، فيرد المخالف الفطر إذا حدث السفر إلى الفطر إذا حدث المرض، ويرد الآخرون إلى الصلاة المذكورة.

والفرق عندنا بين طَروء المرض [على الصائم وطروء السفر: أن طَروء السفر أمر مكتسب، فخوطب به بحالة الابتداء، والمرض] (٣) أمر غالب، وقد يكون أيضاً مرضاً لا يمكن معه الصوم على حال.

وأما قوله: " أولئك العصاة ": فلا يكون حجة لمن يقول: إن الصوم لا ينعقد فى السفر؛ لأنه يحتمل [أن يريد] (٤) أنه قد شق عليهم الصوم حتى صاروا منهيين عنه، فعصوا لذلك، ويؤيد هذا التأويل أنه [قال] (٥) فى بعض طرق هذا الحديث: " إنه قيل له: إن الناس قد شق عليهم الصيام " على أن من يحتج بهذا الحديث على جواز الفطر بعد أن أصبح صائماً، إنما يكون له حجة إذا سلم له أنه - عليه السلام - افتتح النهار بالصيام ثم أفطر، ونحن نقول: يحتمل أن يكون قوله هنا: " صام ثم أفطر ": أى ابتدأ النهار بالفطر من أوله ولم يعقد صوماً ثم حلّه.

قال القاضى: قيل: إنما أفطر - عليه السلام - لمعنيين؛ ليتقوى الناس على عدوهم، وليتأسى به فى الإفطار غيره. ويحتمل أن يصفهم بالعصيان لأمره لهم بالفطر فلم يفطروا، حتى عز عليهم بعد هذا وأفطروا، والله أعلم.

وقوله لهم: " وإنكم مُصَبِّحُو عدُوَّكم، وأن الفطر أقوى لكم ": قد يحتج به من يرى أوامر النبى - عليه السلام - وأفعاله على الوجوب لتعصيتهم بتركها.


(١) سقط من الإكمال، وما أثبت من الصحيحة، ع.
(٢) ساقطة من س، ع.
(٣) فى هامش ع.
(٤) فى هامش الأصل.
(٥) فى س: كان، وما أثبت من الأصل، ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>