للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٩١ - (...) وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ - يَعْنِى الدَّرَاوَرْدِىَّ - عَنْ

ــ

وقوله: " خرجنا عام الفتح فى رمضان " وذكر الفطر كما تقدم: حجة لجماعة أئمة الفتوى وجمهور العلماء على أن الفطر للمسافر رخصة، كان شهر رمضان أو غيره، [خرج] (١) قبل دخول الشهر أو بعد دخوله، خلافاً لمن ورَدَ عنه من السلف أن من أهل عليه رمضان فى الحضر فقد لزمه صومه لقوله تعالى: {فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} (٢)، والكافة على خلافه.

وقوله: " حتى بلغ الكديد " وفى الآخر: " حتى بلغ عُسفان ": [الكديد: عين جارية [عليها نخل] (٣) على اثنين وأربعين من مكة، وعسفان] (٤): قرية جامعة بها منبر على ستة وثلاثين [ميلاً] (٥) من مكة، والكديد ما بينها وبين قُديد (٦). وذكر فى الحديث الآخر: " حتى بلغ كُراع الغميم " [والغميم] (٧): بفتح الغين، وادٍ أمام عسفان بثمانية أميال، يضاف إليه هذا الكُراع، وهو جبل أسود متصل به، والكراع. كل أنف سال (٨) من جبل أو حرة، وهذا كله فى سفرٍ واحدٍ فى غزاه الفتح، سميت هذا المواضع فى هذا الأحاديث لتقاربها، وإن كانت عسفان متباعدة شيئاً عن هذه المواضع، فكلها مضافة إليها ومن عملها فاشتمل عليها اسمها، وقد يكون الجمع بين هذين أنه كُلم بعسفان بحال الناس ومشقة ذلك عليهم، وكان فطرهم بالكديد. ويعضده ما جاء فى حديث الموطأ: فقيل: يا رسول الله، [إن] (٩) أناساً صاموا حين صمت، فلما كان بالكديد دعا بقدحٍ فشرب فأفطر الناس (١٠) ونحو منه حديث أبى سعيد الذى ذكره مسلم بعد هذا فى غزوة الفتح نفسها.

وقوله: فنزلنا منزلاً فقال - عليه السلام -: " إنكم دنوتم من عدوكم، والفطر أقوى لكم " فكانت رخصة فمنا من صام، ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخر فقال: " إنكم مصبحو عدوكم والفطر أقوى لكم، فأفطروا، وكانت عزمة، فهذا يفسّر هذه الأحاديث الأخر، وأن قوله: " كان [فى] (١١) موضع عزمه "، وفطره بنفسه فى آخَر أبْعَدَ منه، وأن توقفهم كان ليأخذوا بالأفضل، فحضهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بعد على الفِطر، فاقتدوا به لما رأوه حافظ عليه حتى قيل له: إن الناس إنما ينظرون إلى ما فعلت، فنزل إلى حالهم، وأفطر رفقاً بهم، ومواساة لهم {وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا} (١٢)، وقد يحتج بفطر النبى - عليه


(١) من س.
(٢) البقرة: ١٨٥.
(٣) من س.
(٤) من هامش الأصل.
(٥) ساقطة من س.
(٦) والقُدَيْد: تصغير القد أو القِد أو القِدد، وهو اسم موضع قرب مكة، وقيل: ينسب إلى قديد بن حزام ابن هشام من أهل الرَّقَم باديةَ بالحجازَ. انظر: معجم البلدان ٤/ ٣١٤.
(٧) من س.
(٨) فى س: مال.
(٩) من س.
(١٠) الموطأ ١/ ٢٩٤ (٢٢).
(١١) من س.
(١٢) الأحزاب: ٤٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>