للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

فهبنا أن نسأله " ليس فيه تعارُض، نُهُوا عن سؤاله عن أشياء إن تبد لهم تسؤهم، ولم ينهوا عن غير ذلك، وإذا أذن لهم فى السؤال فلم يرتكبوا نهياً.

وقوله. " ثائر الرأس " (١) أى: قائمة منتفشة (٢)، وقوله: " يُسمَعُ دَوىُّ صوتهِ " (٣) بفتح الدال، أى: بُعده فى الهواء مأخوذ من دَوِى الرعْد.

وقوله: " أفلح إن صدَق أو دخل الجنة إن صدق ": هذه الجملة الأخيرة تفسير للأولى (٤)، وقد وردت فى الرواية الأخرى منفردة بمعناها، والفلاح البقاء، ومنه: (حىَّ على الفلاح)، أى: العمل المؤدى إلى الجنة والبقاء فيها وهو الفَلَح. قال الأعشى:

هل لحىِّ نال قومى من فَلَحٍ

أى: بقاء، قال الهروى: العرب تقول لكل من أصاب خيراً: مُفْلِح، وأفلح الرجلُ إذا فاز بما يغبط به، وقيل فى قوله: {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُون} (٥) أى: فازوا. [قال ابن دريد: أفلح الرجل وأنجح إذا أدرَك مطلوبه، وقال القاضى أبو الوليد الباجى: استعمل رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] (٦) الصدق هنا فى خبر المستقبل، وقد قال القتبى: الكذب مخالفة الخبر فى الماضى والخلف فى المستقبل (٧) فيجب على هذا أن يكون الصدق فى الخبر عن الماضى والوفاء فى المستقبل. وما ورد عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هنا يرد على ابن قتيبة.

وفى قوله: " أفلح إن صدق ": ردٌّ على المرجئة (٨)، إذ فيه فلاحه بشرط صِدْقه فى ألا ينقص مما ألزمه من الأعمال والفرائض.


(١) سبق برقم (١١).
(٢) ومنه ثارت الفتنة. وقد زيد بعدها فى ق: (وفيه أن قوله مثل هذا) ومقدار أربع كلمات غير واضحة ٩٠ ب.
(٣) سبق برقم (١١).
(٤) فى الأصل: الأولى، والمثبت من ت.
(٥) المؤمنون: ١.
(٦) سقط من ق.
(٧) وسمى المطابقة المستقبل وفاء.
(٨) المرجئة الخالصة وهم اليونسية أصحاب يونس السمرى، زعم أن الإيمان هو المعرفة بالله، والخضوع له، وترك الاستكبار عليه، والمحبة بالقلب. فمن اجتمعت فيه هذه الخصال فهو مؤمن، وما سوى المعرفة من الطاعة فليس من الإيمان، ولا يضر تركها حقيقة الإيمان، ولا يعذب على ذلك إذا كان الإيمان خالصاً، واليقين صادقاً.
وزعم أن إبليس -لعنه الله- كان عارفاً بالله وحده غير أنه كفر باستكباره عليه.
قال: ومن تمكن فى قلبه الخضوع لله والمحبة له على خلوص ويقين لم يخالفه فى معصية، وإن صدرت منه معصية فلا يضر بيقينه وإخلاصه، والمؤمن إنما يدخل الجنة بإخلاصه ومحبته لا بعلمه وطاعته. الملل والنحل ١/ ١٤٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>