للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَضَيْنَا الحَجَّ أَرْسَلَنِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى بَكْرٍ إِلَى التَّنْعِيمِ، فَاعْتَمَرْتُ. فَقَال: " هَذِهِ مَكَانُ عُمْرَتكِ " فَطَافَ الَّذِينَ أَهَلُّوا بِالعُمْرَةِ بِالبَيْتِ، وَبِالصَّفَا وَالمَرْوَةِ، ثُمَّ حَلُّوا، ثُمَّ طَافُوا طَوَافًا آخَرَ بَعْدَ أَنْ رَجَعُوا مِنْ مِنًى لِحَجِّهِمْ، وَأَمَّا الَّذِينَ كَانُوا جَمَعُوا الحَجَّ وَالعُمْرَةَ، فَإِنَّمَا طَافُوا طَوَافًا وَاحِدًا.

ــ

أيضاً - " خرجنا مهلين بالحج "، وفيه حين أمر الناس بالعمرة، قولها: " سمعت كلامك فمنعتُ العمرة " (١)، وقوله لها: " عسى الله أن يرزقكيها (٢) " وفى حديث آخر عنها لا يذكر إلا الحج، وكل هذا يُصرح أنها أهلت بالحج، وذكر عنها من رواية الأسود: " نلبى لا نذكر حجاً ولا عمرة "، فاختلف تأويل العلماء فى الكلام على هذا، فقال مالك: ليس العمل على حديث عروة عن عائشة عندنا قديماً ولا حديثاً، وذهب بعضهم إلى [ترجيح الحديث بأنها كانت مهلةً بالحج، بدليل أنها رواية عمرة والأسود، والقاسم، وغلطوا] (٣) رواية عمرة (٤) فى العمرة، وإلى هذا ذهب إسماعيل القاضى.

ورجحوا - أيضاً - رواية غيره، بأن عروة قال فى حديث حماد بن زيد عن هشام عنه: حدثنى غير واحدٍ؛ أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لها: " دعى عمرتك " فقد أبان أنه لم يسمع الحديث منها، ولا بيان فى هذا، فقد يحتمل أنها ممن حدثه ذلك. قالوا: [ولأن] (٥) رواية عمرة: والقاسم نسقت (٦) عمل عائشة فى الحج من أوله إلى آخره؛ ولهذا قال القاسم فى رواية عمرة: " أنباتك بالحديث على وجهه "، وقالوا فى رواية عروة: إنما أخبر عن مآل حالها، وأن الجمع بين ذلك ممكن، وكان إهلالها بالحج كما نص عليه أولئك أولاً، وكما أنه الأثبت، والصحيح عن النبى - عليه السلام -[وأصحابه] (٧)، ثم أهلت بالعمرة حين أمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [أصحابه] (٨) بفسخ الحج فى العمرة، وهذا فسّرهُ القاسم فى حديثه، فأخبر عروة عنها باعتمادها الآخر، الذى جرى فيه الحكم فى حيضها قبل تحللها منه، ولم يذكر أول أمرها.

وقد يعارض هذا بما جاء مما أخبرت به عن فعل الناس واختلافهم فى الإحرام مما سنذكره، وأنها هى إنما أهلت به بعمرة، فقد يتأول هذا على ثانى فعلها أو استقرار أمر الناس على مفرد أو قارن ممن (٩) معه من الهدى، وتمتع بالعمرة إلى الحج كما سنذكره، ولم يكن معها هى هدى فلم تقرن، وأهلت حين الفسخ بعمرة، بخلاف من كان معه


(١) فى نسخة النووى: " فسمعتُ بالعمرة " دون لفظ " فمُنعتُ العمرة ".
(٢) فى س: يرزقها.
(٣) سقط من س.
(٤) فى س: عروة.
(٥) فى الأصل: وبأن، والمثبت من س.
(٦) فى س: بسفت.
(٧) ساقطة من س.
(٨) من س.
(٩) فى س: من.

<<  <  ج: ص:  >  >>