للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ابْنَ أَبِى بَكْرٍ، وَأَمَرَنِى أَنْ أَعْتَمِرَ مِن التَّنْعِيمِ، مَكَانَ عُمْرَتِى، الَّتِى أَدْرَكَنِى الحَجُّ وَلَمْ أَحْلِلْ مِنْهَا.

ــ

عمرتك " قلنا: يحتمل أن يكون ذلك لأنها أرادت أن تكون لها عمرة مفردة، كما كانت أحبت أن تفعل أولاً، فقال - عليه السلام - لها: هذه مكان التى أردت إفرادها.

قال القاضى: ويدل عليه قوله - عليه السلام - فى حديث أبى أيوب الغيلانى: " فأهللت منها - يعنى من التنعيم -[بعمرة] (١)، جزاءً بعمرة الناس التى اعتمروا ".

قال الإمام: وقد قيل: إنها كانت من جُملة من فسخ الحج فى عمرة، ولم تشرع فى العمرة حتى حاضت، فأمرها - عليه السلام - أن تبقى على حكم الحج من غير فسخ.

قال القاضى: ويكون على هذا التأويل، وهو أظهر على ما قدمنا (٢) أنها كانت حاجة.

معنى قوله لها: " أهلى بالحج ": أى استديمى فعله، إذ لم يتفق لها فسخه بالعمرة والتحلل منه لأجل عذرها المذكور، ويعضد هذا قوله فى الحديث الآخر: " كونى فى حجك " ولأن رفض الإحرام لا يصح عند مالك وأصحابه، فلما لم يمكنها فسخ حجها فى عمرة بقيت على حجها، أوجدت (٣) [هذا] (٤) الإهلال به؛ إذ كانت نوت رفضه والتحلل منه، وقد قال مالك والشافعى وأبو حنيفة وأبو ثور ومن وافقهم، فى المعتمرة تحيض قبل الطواف، وتخشى فوت عرفة، أنها تهل بالحج، وتكون كمن قرن، خلافاً للكوفيين بأنها ترفض العمرة أخذاً بظاهر هذا الحديث، ومما يدل أن اعتمار عائشة غير قضاء، وإنما كان تحللاً منها رغبة فى عمرة منفردة كما فعله أكثر الناس، [وظاهر الأحاديث كلها أنَّ عائشة كانت قد أحرمت، خلافاً لما تأوله الداودى من قوله: يحتمل أنَّ عائشة لم تحرم بعد، وأن معنى قوله: " دع العمرة ": أى لا تهل بها وأهل بالحج، ولا معنى لهذا، لأَنَّ آخراً منه قد تقدم بالمدينة وهذا الكلام بمكة] (٥).

وقوله فى حديث جابر: " وكان رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سهلاً إذا هويت الشىء تابعها عليه قال الإمام: وقوله - عليه السلام - لها: " انقضى رأسك وامتشطى ": تأول بعض شيوخنا أنها تحمل على أنها كانت مضطرة لذلك لأذىً برأسها، فأباح لها ذلك كما أباح لكعب بن عجرة الحلاق لأذى برأسه، وقد ذكر فيه تأويل ثان فيه تعسف، وهو أنها


(١) من س.
(٢) فى س: قدمناه.
(٣) فى الأصل: جدى، والمثبت من س.
(٤) ساقطة من س.
(٥) سقط من الأصل، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>