للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٤ - (...) حدَّثنا ابْنُ أَبِى عُمَرَ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنِ الزُّهْرِىِّ، عَنْ عُرْوَةَ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: " مَنْ أَرَادَ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ وَعُمْرَةٍ فَلْيَفْعَلْ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ فَلْيُهِلَّ، وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ ". قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا -: فَأَهَلَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِحَجٍّ وَأَهَلَّ بِهِ نَاسٌ مَعَهُ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِالعُمْرَةِ وَالحَجِّ، وَأَهَلَّ نَاسٌ بِعُمْرَةٍ، وَكُنْتُ فِيمَنْ أَهَلَّ بِالعُمْرَةِ.

ــ

تأول قولها: " طوافاً واحداً ": أى طوافين على صفةٍ واحدةٍ، وهذا فيه بعد، ويؤيد قولنا قوله - عليه السلام - أيضاً - المتقدم: " يسعك طوافك يجزيك لحجك وعمرتك ".

قال القاضى: فى هذا الحديث دليل على أنها لم ترفض العمرة [كرهً] (١)؛ إذ جعل الطواف يجزئ لهما جميعاً (٢)، على هذا كانت العمرة مقدمة أو مؤخرة على ما ذكرناه.

قال الإمام: وذكر قول عائشة: " أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أهل بحج ": فيه حجةٌ لمالكٍ على أن الإفراد أفضل؛ لأن عائشة تعلم من حال النبى - عليه السلام - فى حله وحُرمهِ ما تعرف المرأة من زوجها، فكانت روايتها أرجح، ولمالك - أيضاً - حديث جابر، وقد استقصى فيه ما جرى فى حجته - عليه السلام - وذكر الإفراد.

قال القاضى: وقد ذكر مسلم أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أفرد من رواية أبى سعيد، وابن عمر، وابن عباس - أيضاً - وعن أسماء نحوه.

قال الإمام: ومما يرجح به الإفراد أن الخلفاء بعده - عليه السلام - ورضى الله عنهم - أفردوا، ولو لم يكن - عليه السلام - مفرداً لم يواظبوا على ذلك، ويتفقوا على اختيار الإفراد؛ إذ لا يتركون فعله - عليه السلام - ويفعلون خلافه؛ ولأن الإفراد لا جبران فيه، فكان أفضل مما يجبر بالدم.

قال القاضى: تقدم الخلاف فى ذلك، وبقول مالك قال الشافعى - فى أحدِ قوليه - وهو قول الأوزاعى وأبى ثور وابن الماجشون، وجماعة من الصحابة والتابعين والمروى من فعل أبى بكر وعمر وعثمان -[رضى الله عنهم] (٣) - مدة خلافتهم، واختلف فى ذلك عن على، وبقول أبى حنيفة فى تفضيل القِران قال الثورى والمزنى وإسحاق والطحاوى، وذكر أنه مذهب على وإسحاق وجماعة من التابعين وغيرهم، وبقول الشافعى الآخر - فى أن التمتع أفضل - قال أحمد بن حنبل، وحكى عن إسحاق، وذهب أبو يوسف إلى أن


(١) ساقطة من س.
(٢) فى س: سواه، والمثبت من الأصل.
(٣) سقط من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>