للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٢٠ - (...) حدَّثنى سُلَيْمَانُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ أَبُو أَيُّوبَ الغَيْلانِىُّ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ عَبْدُ المَلِكِ بْنُ عَمْرٍو، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ أَبِى سَلَمَةَ المَاجِشُونُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ القَاسِمِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِىَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: خَرَجْنَا مَعَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا نَذْكُرُ إِلا

ــ

قال القاضى: وإنما قاله - عليه السلام - تطييباً لأنفس الناس؛ ولأنه لم يمنعه أن يفعل هو ما أمرهم به إلا ما معه من الهدى، ولولا ذلك لفسخ حجه فى عمرةٍ كما أمرهم به، لا أنه قال ذلك متمنياً، وفيه دليل أنه لم يكن معتمراً، وإنما كان مفرداً.

وقول عائشة: " فقضى الله حجنا وعمرتنا، ولم يكن فى ذلك هدى ولا صدقة ولا صوم "، قال القاضى: أى أتمه، وفيه حجةٌ أنها كانت فى حج مفرد ولم تكن متمتعةً ولا قارنةً؛ إذ لم يختلف العلماء فى وجوب الدم أو الصوم لمن لم يجد هدياً فيهما، إلا داود فى إسقاط دم القران، وأن عمرتها التى كانت بعد حجها لم تكن قضاءً وأنها (١) كانت مبتدأةً، وأن الاعتمار بعد الحج ليس بمتعة، ويكون هنا إخبارها عن نفسها خاصةً وأنها (٢) كانت أحرمت بالحج ثم نوت فسخه فى العمرة، فلما حاضت ولم يتم لها ذلك رجعت إلى حجها، فلما أكملته اعتمرت، فلم تكن على هذا متمتعةً ولا قارنةً، ويكون قوله على هذا: أن " اقضى عمرتك " على ظاهره، وعلى رواية: " استمرى على عمرتك ": أى إحرامك الأول، والحج تسمى عمرةً، أو يكون الدم والصيام إنما يجب على المتمتعين والقارنين القاصدين [لذلك] (٣)؛ لرفع مشقة أحد السفرين على ما عللوا به وجوب الدم، ويكون غير القاصد لذلك بخلافهم، وأما من فسخ من هؤلاء حجه فى عمرةٍ أو أضافها إليه بحكم أمر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليُظهر الاعتمار فى أشهر الحج مخالفة للجاهلية، وليعلموا به فى حضرته فتطمئن نفوسهم لما كانوا عهدوه قبل من غلظ إنكار ذلك، والله أعلم.

وقولها: " وأما من أهل بحج أو جمع الحج والعمرة، فلم يحلوا حتى كان يوم النحر ": هذا حكم القارن والمفرد، أنه لا يحل حتى يتم حجه، وهذا ما لا اختلاف فيه، لكن تعارضه الأخبار الأخر، الذى ألزمهم النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيها فسخ الحج [فى العمرة] (٤)، وأنهم حلوا، ولعل قولها فيمن معه هدى، كما جاء مفسراً فى الحديث الآخر: " فأحل الناس إلا من كان معه هدى، وكان الهدى مع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذوى اليسار من أصحابه " وهو أولى ما يحمل عليه، بل لا يصح سواه؛ إذ هو حديث واحد، وحجةٌ واحدةٌ.

وقوله فى الحيض: " هذا شىء كتبه الله على بنات آدم ": وظاهره العموم، وهو يرد قول من قال: أول ما أرسل الحيض على بنى إسرائيل، ويرد هذا - أيضاً - قوله تعالى


(١) و (٢) فى س: وإنما.
(٣) من س.
(٤) فى س: بالعمرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>