للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٢ - (...) حدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنِى أَبِى، حَدَّثَنَا عَبْدُ المَلِكَ بْنُ أَبِى سُلَيْمَانَ، عَنْ عَطَاءٍ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - قَالَ: أَهْلَلْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالحَجِّ، فَلَمَّا قَدِمْنَا مَكَّةَ أَمَرَنَا أَنْ نَحِلَّ وَنَجْعَلَهَا عُمْرَةً، فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَيْنَا، وَضَاقَتْ بهِ صُدُورُنَا، فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَمَا نَدْرِى أَشَىْءٌ بَلَغَهُ مِنَ السَّمَاءِ، أَمْ شَىْءٌ مِنْ قِبَلِ النَّاسِ. فَقَالَ: " أَيُّهَا النَّاسُ، أَحِلُّوا، فَلَوْلا الهَدْىُ الَّذِى مَعِى فَعَلْتُ كَمَا فَعَلْتُمْ ". قَالَ: فَأَحْلَلْنَا حَتَّى وَطِئْنَا النِّسَاءَ، وَفَعَلْنَا مَا يَفْعَلُ الحَلالُ، حَتَّى إِذَا كَانَ يَوْمُ التَّرْوِيَةِ، وَجَعَلْنَا مَكَّةَ بِظَهْرٍ، أَهْلَلْنَا بِالحَجِّ.

ــ

تختص بالصدقة، [وقد تكون على ما قاله من ذكرنا من إمارته. قال أبو عبيد: كل من ولى شيئاً على قوم فهو ساعٍ عليهم] (١).

وقوله: فقال له النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أهدِ وامكث حَراماً "، ومثله فى حديث أبى موسى فى الحديث [الذى] (٢) بعده، وكان - أيضاً - قدم من اليمن، وأهلّ بما أهلّ به النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فقال: " هل سقت من هدى؟ " قال: لا، فقال: " طف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حلّ ": اتفق أول الحديثين فى تعليق النية، واختلف آخرهما فى التحلل لأبى موسى والمكث لعلى حراماً.

أخذ بظاهر هذين الحديثين الشافعى، وجوز الإهلال بالنية المبهمة، قال: ثم له بعد أن ينقلها لما شاء من حج أو عمرة، وله عنده أن ينتقل من نسك إلى غيره وخالفه سائر العلماء والأئمة، لقوله - عليه السلام -: " إنما الأعمال بالنيات " (٣)، ولقوله تعالى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه} (٤)، ولقوله: {وَلا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُم} (٥)، ولأن هذا كان لهؤلاء خصوصاً، إذ كان شرع الحج بعد، وما يفعله النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ من ذلك لم يستقر ولم يكمل بعد، فلم يمكنها الإقدام على أمرٍ بغير تحقيق، وأمره لأبى موسى بالإحلال على معنى ما أمر به غيره من الفتح بالعمرة لمن ليس معه هدى، وأمره لعلىٍ أن يهدى ويمكث حَرَاماً، إما لأنه - والله أعلم - كان معه هدى، وفى الحديث: " اهد وامكث حَرَامٌ "، أو يكون قد اعتقد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أنه يهدى عنه، أو يكون قد خصه بذلك، أو لما كان النبى - عليه السلام - أمره بسوق هذه البدن من اليمن، فكان كمن معه هدى، ولا يظن أن هذه البدن من السعاية والصدقة بوجه؛ إذ لا يحل للنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الصدقة ولا يهدى منها، والأشبه


(١) من س، وغير مثبتة فى الأصل.
(٢) ساقطة من س.
(٣) سيأتى إن شاء الله فى كتاب الإمارة، باب قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إنما الأعمال بالنية " برقم (١٥٥).
(٤) البقرة: ١٩٦.
(٥) محمد: ٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>