للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أنّ علياً اشتراها باليمن كما اشترى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بقيتها وجاء بها من المدينة على ما جاء فى حديث جابر بعد هذا وغيره، وفى الحديث غير الأم: أنه اشترى - عليه السلام - هديه بقديد (١)، وفى الأم بعد هذا فى حديث ابن عمر: " فساق الهدى معه من ذى الحليفة " (٢)، وكان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أعلمه أنه سيعطيه هدايا منها، ففى حديث جابر: أنه قدم ببدن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وقد يحتمل أنه كان له فيها هدى لم يحتج إلى ذكره فى الحديث، فلم يمكنه أن يحل، ويدل على هذا سؤال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأبى موسى: " هل ساق معه هدياً؟ "، ولم يسأل علياً، فدل على علمه بأنه كان ممن أهدى أو ممن حكمه حكم من أهدى، واحتج الخطابى بحديث علىّ أن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان قارناً، فلهذا أمر علياً أن يثبت، إذ لا يحل لقارن، واستدل بأمره بالهدى، والهدى لا يجب على غير القارن.

قال القاضى: وهذا لا حجة فيه، لأنه قد أمر أبا موسى بالإحلال، وقد أهل بمثل ما أهل به علىّ من التعليق على إهلال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلو كان النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قارناً - كما زعم - كان حكمها سواء، وإنما ذلك لكون الهدى مع علىّ، كما قدمناه، ولا حجة له فى قوله: " وأهد "، وتخصيص ذلك بالقارن؛ لأن المتمتع - أيضاً - يلزمه الهدى، بل هو تنبيه - والله أعلم - على تسويغ الهدى الذى جاء به له، أى معك هدى فاهده (٣)، وتأول الخطابى أن إحرامهما كان مختلفاً، فإحرام علىّ بمثل إحرام النبى - عليه السلام - وإحرام أبى موسى معناه عنده بمثل ما سنه وشرعه، وهذا تفريق (٤) بعيد.

وقول سراقة فى هذا الحديث: لعامنا هذا أم لأبد. فقال: " لأبد "، وفى الحديث الآخر: فشبك رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصابعه، وقال: " دخلت العمرة فى الحج - مرتين - لا، بل لأبد الأبد "، قال الإمام: جمهور الفقهاء (٥) على أن فسخ الحج فى العمرة إنما كان خاصاً للصحابة، وأنه - عليه السلام - إنما أمرهم بذلك ليخالفوا ما كانت الجاهلية عليه، من أنها لا تستبيح العمرة فى أشهر الحج، [وتقول] (٦): إذا برأ الدّبر، وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلَّت العمرة لمن اعتمر. وقال بعض أصحاب الظاهر: [بل] (٧) ذلك جائز إلى الأبد، واحتجوا بقوله - عليه السلام -: لسراقة بل لأبد (٨)، ويحتمل عندنا أن يريد بقوله: " [بل] (٩) لأبد ": الاعتمار فى أشهر الحج لا فسخ الحج [فى العمرة] (١٠)، واحتجوا - أيضاً - بما فى بعض طرق هذا الحديث [لما قال سراقة: ألعامنا أم للأبد؟ فقال] (١١):


(١) البخارى، ك الحج، ب طواف القارن عن ابن عمر بلفظ وأهدى هدياً اشتراه بقديد ٢/ ١٩٢، كذا النسائى، ك المناسك، ب إذا أهل بعمرة هل يجعل معها حجاً الصغرى ٥/ ١٥٨.
(٢) سيأتى إن شاء الله فى باب وجوب الدم على المتمتع برقم (١٧٤).
(٣) فى س: فاهد.
(٤) فى الأصل: تفرق، والمثبت من س.
(٥) فى س: العلماء.
(٦) و (٧) من ع.
(٨) فى ع: للأبد.
(٩) ساقطة من بعض نسخ ع.
(١٠) فى هامش س.
(١١) من ع، س.

<<  <  ج: ص:  >  >>