للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٤٣ - (...) وحدَّثنا ابْنُ نُمَيْرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ نَافِعٍ، قَالَ: قَدِمْتُ مَكَّةَ مُتَمتِّعًا بِعُمْرَةٍ قَبْلَ التَّرْوِيَةِ بِأَرْبَعَةِ أَيَّامٍ، فَقَالَ النَّاسُ: تَصِيرُ حَجَّتُكَ الآنَ مَكِّيَّةً، فَدَخَلْتُ عَلَى عَطَاءِ بْنِ أَبِى رَبَاحٍ فَاسْتَفَتيْتُهُ. فَقَالَ عَطَاءٌ: حَدَّثَنِى جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَنْصَارِىُّ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُمَا - أَنَّهُ حَجَّ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ سَاقَ الهَدْىَ مَعَهُ، وَقَدْ أَهَلُّوا بِالحَجِّ مُفْرَدًا. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَحِلُّوا مِنْ إِحْرَامِكُمْ، فَطُوفُوا بِالبَيْتِ وَبَيْنَ

ــ

" دخلت العمرة فى الحج، [لا] (١)، بل لأبد الأبد ويحتمل عندنا أن يريد بقوله: " دخلت العمرة فى الحج ": أى جازت فى أشهر الحج، خلافاً لما كانت الجاهلية تعتقده، ويحتمل أن يكون دخولها فى الحج فى عمل القارن، وقد تأوله بعض من لم ير العمرة واجبة على أن المراد به سقوط فرض العمرة بالحج، فمعنى دخول العمرة فى الحج: سقوط وجوبها، وقد ذكر النسائى (٢) [فى كتابه أنه سئل، فقيل له: ألعامنا أم للأبد؟ فقال] (٣): إنه قال - عليه السلام - فى هذا الحديث: " لكم خاصةً "، فهذا يؤكد ما قلناه، ويحمل هذا - على الفسخ، وهو الذى لهم خاصةً، والأول على إجازة العمرة فى أشهر الحج، وهو الذى لهم، وللناس بعدهم.

قال القاضى: قد ذكر مسلم بعد هذا فى حديث أبى ذرٍ: " كانت لنا رخصةٌ ": يعنى المتعة فى الحج (٤)، وفى الحديث الآخر: " لأصحاب محمدٍ خاصةً " (٥)، وذكر النسائى حديث سراقة، وفيه: تمتعنا مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقلنا: لنا خاصة أم للأبد؟ فقال: " بل للأبد " (٦)، وذكر حديث الحارث بن بلال عن أبيه، وفيه: فقلت: يا رسول الله، فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال: " بل لنا خاصةً " (٧)، فقد تبين بمجموع هذه الأحاديث وتفسير ما فُسرَ منها فى روايةٍ وبيانه لما أجمل فى غيرها - أن الخصوص لفسخ الحج فى العمرة، وعموم الإباحة فعل العمرة فى أشهر الحج.

وقوله لمن أمره بالحل: " طوفوا بالبيت وبين الصفا والمروة، وقصروا ": بين [هذه الزيادة] (٨) ما لم يذكره فى الأحاديث الأخر، هذا لا خلاف فيه أن التحلل من العمرة بعد تمامها بالخلاف، وسيأتى الكلام على التحليق والتقصير بعد هذا.


(١) من ع.
(٢) النسائى، ك الحج، ب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدى. الكبرى ٢/ ٣٦٦.
(٣) من ع.
(٤) سيأتى قريباً فى ب جواز التمتع برقم (١٦١).
(٥) انظر السابق.
(٦) النسائى، ك الحج، ب إباحة فسخ الحج بعمرة لمن لم يسق الهدى. انظر: الكبرى ٢/ ٣٩٧.
(٧) انظر السابق.
(٨) فى الأصل: بهذه الرواية، والمثبت من س.

<<  <  ج: ص:  >  >>