للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَلْبِيَتَهُ. قَالَ جَابِرٌ - رَضِىَ اللهُ عَنْهُ -: لَسْنَا نَنْوِى إِلَّا الْحَجَّ، لَسْنَا نَعْرِفُ الْعُمْرَةَ، حَتَّى إِذَا

ــ

ألفاظاً رويت عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مثل قوله: " لبيك إله الحق " (١) ونحوه. وقول جابر: لسنا ننوى إلا الحج ولا نعرف العمرة، مع قوله فى الحديث الآخر قبل: " مهلّين مع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بحج مفرد ": يرد كل ما خالفه من رواية: أن منهم من كان معتمراً أو متمتعاً وقارناً، وكيف وهو يقول: " لا نعرف العمرة " وكذلك كانوا لا يعرفون العمرة فى أشهر الحج حتى جاء الإسلام؛ ولذلك جعل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عُمرَه كلها فى أشهر الحج على الصحيح، وسيأتى هذا، وقد أثبتنا قبل ترتيب هذه الأخبار وتأليف مختلفها، ومن خالف حديث جابر ومن وافقه، إنما هو إخبار عن مآل الحال واستقرار العمل كما تقدم.

وقوله: " حتى أتينا [البيت] (٢) ": فيه أن الواجب على داخل مكة لنسك البداية به، إلا مضطراً (٣) يخشى على رَحْلِهِ، فله الصبر على تثقيفه وحرزه. والبداية بذلك لئلا يضيع.

وفى قوله: " لا ننوى ": حجةٌ على أن التسمية [غير] (٤) واجبة، وقد تقدم. وذكر البداية باستلام النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للركن وَرَملِه ثلاثاً ومشيه أربعاً؛ هذا طواف الورود.

الحج ثلاثة أَطْوَاف:

أولها: طواف الورود: وهو طواف القدوم، وهو سُنة لغير المكى عند جميعهم وأنه [لا] (٥) رجوع على تاركه. واختلف هل على تاركه دم؟ فعن مالك روايتان، وإن كان مراهقاً فلا شىء عليه، فقال مالك مرة: إن كان غير مراهق فعليه دم، وقال - أيضاً - إنه يجزئه منه طواف الزيارة، وهو قول الشافعى وأصحاب الرأى، وأوقع مالك [عليه] (٦) مرة أنه واجب، قالوا: معناه: وجوب السنن، وقال أبو ثور: عليه لغير المكى دم.

والطواف الثانى: طواف الزيارة: وهو طواف الإفاضة، وهو فريضة بغير خلاف.

والثالث: طواف الوداع: وهو طواف الصَّدْر، وهو سنة، وسيأتى الكلام على كثير منها فى مواضعها إن شاء الله.


(١) النسائى فى الكبرى، ك الحج، ب كيف التلبية ٢/ ٣٥٤ برقم (٣٧٣٣)، ابن ماجة، ك المناسك، ب التلبية ٢/ ٩٧٤ برقم (٢٩٢٠).
(٢) ساقطة فى الأصل، واستدركت فى الهامش.
(٣) فى س: مضطر.
(٤) و (٥) سقطتا من س.
(٦) زائدة فى س.

<<  <  ج: ص:  >  >>