للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى طَلَعَ الْفَجْرُ، وَصَلّى الفَجْرَ حِينَ تَبَيَّنَ لَهُ الصُّبْحُ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، ثُمَّ رَكِبَ الْقَصْوَاءَ، حَتَّى أَتَى الْمَشْعَرَ الحَرَامَ فَاسْتَقبَل الْقِبْلَةَ، فَدعَاهُ وَكَبَّرَهُ وَهَلَّلَهُ وَوَحَّدَهُ، فَلَمْ يَزَلْ وَاقِفًا حَتَّى أَسْفَر جِدًا، فَدَفَعَ قَبْلَ أَنْ تَطْلُعَ الشَّمْسُ، وَأَرْدَفَ الْفَضْلَ بْنَ عَبَّاسٍ،

ــ

وأصْعَدَ وصعَّدَ وأصَعَد فى الأرض، ذهب مبتديًا للذهاب، وفى الرجوع: انحدر، وتقدم الكلام فى صلاته بالمزدلفة.

وقوله: " ثم اضطجع حتى طلع الفجر فصلى حين تبين لهُ الصبح بأذان وإقامة ": فيه سنة المبيت بمزدلفة (١) وصلاة الصبح بها غلساً، إلا لمن رخص له النبى - عليه السلام - ممن ضعف من أهله. وفيه الأذان فى السفر لصلاة (٢) الأئمة حيث كانوا، خلافاً لمن قال: يقتصر المسافر على الإقامة.

وقوله: " ثم ركب حتى أتى المشعر الحرام، فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله، فلم يزل واقفاً حتى أسفر جداً، فدفع قبل أن تطلع الشمس ": فيه الوقوف بالمشعر، وكونه من المناسك، وقد قال تعالى: {فَإِذَا أَفَضْتُمْ مِّنْ عَرَفَاتٍ فَاذْكُرُوا اللَّهَ عِندَ الْمَشْعَرِ الْحَرَام} (٣)، وقد اختلف فى وجوب الوقوف، فيه (٤) وفيما تقدم استقبال القبلة للدعاء والذكر، وفيه سنة الذكر فيه بما فعله - عليه السلام - من التكبير والتهليل والدعاء، وفيه أن " جمعاً " (٥) كلها موقف؛ إذ لم يخص منها موضعاً إلا ما خصَّهُ بقوله فى الحديث الآخر: " ارتفعوا عن بطن محسر " (٦)، وفيه كون الدفع من مزدلفة بعد أن أسفر قبل طلوع الشمس، خلافاً للجاهلية، كانوا لا يفيضون من جمع حتى يروا الشمس على رؤوس الجبال، ويقولون: أشرق ثبير كما نغير (٧)، وفى إردافه أولاً أسامة وآخراً الفضل، جواز ركوب الاثنين على الدابة، وخاصية هذين به - عليه السلام - من بين من حضره من آله، وأن ذلك من سنة أهل الفضل والتواضع، وقد روى - أيضاً - أنه أردف عليًا.


(١) فى س: بعرفة، وهو تصحيف ظاهر، ووهم باطل.
(٢) قيد قبلها فى س " و "، وهو خطأ.
(٣) البقرة: ١٩٨.
(٤) قيدت فى نسخ الإكمال: وفيه، وأظن أنها بدون الواو يستقيم الكلام.
(٥) قال صاحب المراصد: هى المزدلفة، وسمى بذلك لأنه يجمع فيه بين صلاتى العشاءين وهى ضد التفرق. وقال المحقق: وأنشدوا:
صلا القلب إلا من تذكرة ليلة ... بجمع وأخرى أَسعفت بالمحصَّب
انظر: مراصد الاطلاع ١/ ٣٤٦.
قلت: لقد عنون بعض أصحاب السنن كأبى داود، قال: لتعجيل من جمع فى المناسك.
(٦) أخرجه أحمد فى المسند عن ابن عباس ١/ ٢١٩.
(٧) فى: س نفير.

<<  <  ج: ص:  >  >>