للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَانَ رَجُلاً حَسَنَ الشَّعْرِ أَبْيَضٌ وَسِيمًا، فَلَمَّا دَفَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّتْ بِهِ ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فَطَفِقَ الْفَضْلُ يَنْظُرُ إِلَيْهِنَّ، فَوَضَعَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى وَجْهِ الْفَضْل، فَحَوَّل الفَضْلُ وَجْهَهُ إِلَى الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُرُ، فَحَوَّلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ عَلَى وَجْهِ الْفَضْلِ، يَصْرِفُ وَجْههُ مِنَ الشِّقِّ الآخَرِ يَنْظُر، حَتَّى أَتَى بَطْنَ مُحَسِّرٍ، فَحَرَّكَ قَلِيلاً، ثُمَّ سَلَكَ الطَّريِقَ الْوُسْطَى الَّتِى تَخْرُجُ عَلَى الْجَمْرَةِ الْكُبْرَى، حَتَّى أَتَى الجَمْرَةَ الَّتِى عِنْدَ

ــ

وقوله: " فمرت ظُعُنٌ يَجْرِينَ، فطفق الفضل ينظر إليهن، فوضع رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على وجه الفضل ": فيه سنة غض البصر خوف الفتنة، وأن [ذلك] (١) فى حق النساء والرجال جميعاً بعضهم لبعض، ألا تراه كيف قال فى الفضل: " وكان أبيض وسيماً حسن الشعر " يخاف فتنة الظعن به، وفتنته بهن. ولهذا وضع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يده على وجه الفضل ليمنع من الفتنتين، قال بعضهم: وهذا يدل على أن هذا ليس بواجب إذ لم ينهه.

قال القاضى: أبو عبد الله بن المرابط: الاستتار للنساء سنة حسنة، والحجاب على أزواج النبى - عليه السلام - فريضة.

قال القاضى وعندى أن فعله فى ذلك أبلغ فى النهى من القول، ولعل الفضل لم ينظر إليهن نظراً ينكره النبى - عليه السلام - وإنما خشى فتنة بعضهم لبعض أو كان هذا قبل نزول الآية بإدناء الجلابيب (٢) عليهن.

وقوله: " حتى أتى بطن محسّر فحرك قليلاً، ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى ": وهذه سنة السير فى هذا الموضع أن تحرك فيه الدابة، وسلوك هذه الطريق اتباعاً لفعله - عليه السلام.

وقوله: " حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات، ليكبر مع كل حصاة منها حصى الخذف ": كذا فى أكثر الأصول، وصوابه مثل: " حصى الخذف " وكذا رواه غير مسلم (٣)، وكان فى كتاب القاضى ابن عيسى: " كل حصاة منها مثل حصا الخذف " وهو صوابٌ، لا خلاف أن جمرة العقبة - وهى هذه - من مناسك الحج، واختلف عندنا هل هى من فروضه وأركانه (٤) أم لا (٥)؟ فقال مالك: إن لم يرمها حتى


(١) ساقطة من س.
(٢) فى س: الحجاب.
(٣) أبو داود، ك المناسك، ب التعجيل من جمع ٢/ ١٩٤.
(٤) قال ابن الحاجب فى مختصره: والفرض والواجب مترادفان. انظر: شرح مختصر ابن الحاجب ١/ ٣٣٧.
(٥) وقد نُقِلَ الإجماع على وجوب رمى الجمار الكاسانى فى بدائع الصنائع ١/ ١١٢١، الموسوعة الفقهية، مادة " حجَّ ".

<<  <  ج: ص:  >  >>