قال القاضى: وبقول مالك قال الشافعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور، وهو عند جميعهم ركن من أركان الحج، وقاله جماعة من السلف، وقالوا: يرجع إليه أو إلى ما ترك فيه حتى يأتى به، فإن كان قد أصاب النساء قبل رجوعه أعاده قابلاً حجةً أو عمرةً، والواجب فى الحج منه السعى فى طواف واحدٍ وهو المتصل بطواف القدوم، فمن لم يسع فيه وسعى فى غيره فى أطواف الحج أجزأه منه (١).
وقوله فى هذا الباب فى رواية أبى معاوية:" إنما كان ذلك لأن الأنصار كانوا يهلون فى الجاهلية لصنمين على شط البحر، يقال لهما: إساف ونائلة ": كذا رواية الكافة؛ وعند ابن الحذاء:" فى الجاهلية لمناة، وكانت صنمين على شط البحر، وذكر مثله، وكلاهما خطأ، والصواب ما جاء فى الروايات الأخر فى الباب: " يهلون لمناة " وفى الرواية الأخرى: " الطاغية التى بِالمُشَلَّل "، وهذا هو المعروف.
ومناة: صنم كان نصبه عمرو بن لحى بجهة البحر بالمشلل بما يلى قديداً، وكذا جاء مفسرًا فى هذا الحديث فى الموطأ، وله كانت الأزد وغسّان تهل لحجها، وقال ابن الكلبى: مناة صخر لهذيل بقديد.
وأما إساف ونائلة: فلم يكونا قط لجهة البحر، وإنما كان فيما يقال: رجلاً اسمه: إساف بن نقاد، ويقال: ابن عمرو، وامرأة اسمها: نائلة بنت ذئب، ويقال: بنت سهل، قبل: كانا من جرهم، زنيا داخل الكعبة فمسخهما الله حجرين، فنصبا عند الكعبة، وقيل: بل على الصفا والمروة ليُعتبر بهما ويتعظ، ثم حولهما قُصَى، فجعل أحدهما لصق الكعبة، والآخر بزمزم، وقيل: بل جعلهما جميعاً بزمزم، ونحر عندهما وأمر بعبادتهما، فلما فتح النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مكة كسرهما.