للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ: لَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ.

(...) وَحَدَّثَنِيهِ زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ، أَخْبَرَنِى أَبُو الزُّبَيْرِ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ فِى الْحَدِيثِ: ولَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُلَبِّى حَتَّى رَمَى الْجَمْرَةَ. وَزَادَ فِى حَدِيثِهِ: وَالنَّبِىُّ يُشِيرُ بِيَدِهِ كَمَا يَخْذِفُ الإِنْسَانُ.

٢٦٩ - (١٢٨٣) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو الأَحْوَصِ عَنْ

ــ

وقوله: " فلم يزل يلبى حتى رمى الجمرة "، قال الإمام: اختلف عندنا متى يقطع الحاج التلبية، هل عند الزوال؟ أو عند الرواح إلى الصلاة أو [إلى الموقف] (١)؟ ذهب المخالف إلى أنه لا يقطع حتى يرمى الجمرة، وتعلق بهذا الحديث، واختار ذلك بعض شيوخنا المتأخرين، واختلف القائلون بأنه لا يقطع حتى يرمى الجمرة، هل يقطع التلبية إذا رمى أول حصاة أو حتى تتم السبع.

قال القاضى: اختلف عن الصحابة والسلف بالأقوال الثلاثة عن مالك، وذكر مسلم: " حتى رمى جمرة العقبة "، وذكر فى الحديث الآخر: " حتى بلغ الجمرة "، فالخلاف هنا مركب على هذين الحديثين، وقال الشافعى والثورى وأصحاب الرأى وأبو ثور: يقطعها مع أول حصاة، وقد حكى محمد بن المواز عن مالك أنه يكبر، وإن شاء لبى فى سفره من منى إلى عرفة. وقال ابن الجلاب: من أحرم من عرفة لبى حتى يرمى الجمرة (٢)، وأخذ مالك فى مشهور مذهبه بما روى فى موطئه عن على وعائشة وابن عمر على اختلاف بينهم، مع اتفاق أنه قبل الوقوف (٣)، هو مذهب أكثر أهل المدينة، وجمهور فقهاء الأمصار وجماعة من السلف على أنه يلبى حتى يرمى الجمرة (٤)، وقال الحسن: يلبى حتى يصلى الغداة يوم عرفة ثم يقطع، وتقدم الكلام (٥) على حصى الخذف وعلى ذكر محسرٍ فى حديث جابر. وقوله هنا: " والنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يشير بيده كما يخذف الإنسان " بيان وزيادة فى تفسير الخذف.

وذكر مسلم أحاديث التلبية بجمعٍ وفى الإفاضة، وفى السير إلى عرفات [فأما فى


(١) من ع، وهى فى نسخة الإكمال غير ظاهرة المعنى.
(٢) انظر: التمهيد ١٣/ ٧٣، ٧٤ وما بعدها، الاستذكار ١١/ ١٥٨ وما بعدها.
(٣) الموطأ، ك الحج، ب قطع التلبية ١/ ١٣٨ رقم (٤٤ - ٤٦).
(٤) وهو قول الجمهور، ودليلهم ما جاء فى الشيخين من حديث الفضل بن عباس أنه لم يزل ملبياً حتى رماها.
(٥) راجع: الاستذكار ١١/ ١٥٨ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>