للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٦ - (١٨) حدّثنا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِى عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، قَالَ: حَدَّثَنَا مَنْ لَقِىَ الْوَفْدَ الَّذِينَ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ عَبْد الْقَيْسِ. قَالَ سَعِيدٌ: وَذَكَرَ قَتَادَةُ أَبَا نَضْرَةَ، عَنْ أَبِى سَعِيدٍ الْخُدْرِىِّ فِى حَدِيثِهِ هَذَا؛ أَنَّ أُنَاسًا مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ قَدِمُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا نَبِىَّ اللهِ، إِنَّا حَىٌّ مِنْ رَبِيعَةَ، وَبَيْنَنَا وَبَيْنَكَ كُفَّارُ مُضَرَ، وَلا نَقْدرُ عَلَيْكَ إِلا فِى أَشْهُرِ الْحُرُمِ، فَمُرْنَا بِأَمْرٍ نَأمُرُ بِهِ مَنْ وَرَاءَنَا، وَنَدْخُلُ بِهِ الجَنَّةَ، إِذَا نَحْنُ أَخَذْنَا بِهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " آمُرُكُمْ بِأَرْبَعٍ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: اعْبُدُوا اللهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ، وآتُوا الزَّكَاةَ، وَصُومُوا رَمَضَانَ، وَأَعْطُوا الْخُمُسَ مِن الغَنَائِمِ، وَأَنْهَاكُمْ عَنْ أَرْبَعٍ: عَنِ الدُّبَاءِ، والحَنْتَمِ، وَالمُزَفِّتِ، وَالنَّقِيرِ ". قَالُوا: يَا نَبِىَّ اللهِ، مَا عِلْمُكَ بِالنَّقِيرِ؟ قَالَ: " بَلَى، جِذعٌ تَنْقُرُونَهُ، فَتَقْذِفُونَ فِيهِ مِنْ الْقُطَيْعَاءِ " - قَالَ سَعِيدٌ: أَوْ قَالَ: " مِنْ التَّمْرِ - ثُمَّ تَصُبُّونَ فِيهِ مِنْ الْمَاءِ، حَتَّى إِذَا سَكَنَ غَلَيَانُهُ شَرِبْتُمُوهُ، حَتَّى إِنَّ أَحَدَكُمْ - أَوْ إِنَّ أَحَدَهُمْ - ليَضْرِبُ ابْنَ عَمِّهِ بِالسَّيْفِ ". قَالَ وَفِى الْقَوْمِ رَجُلٌ أَصَابَتْهُ جِرَاحَةٌ كَذَلِكَ. قَالَ: وَكُنْتُ أَخْبَؤَهَا حَيَاءً مِنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. فَقُلْتُ: فَفِيمَ نَشْرَبُ يَا رَسُولَ اللهِ؟ قَالَ: " فِى أَسْقِيَةُ الأَدَمِ، الَّتِى يُلاثُ عَلَى أَفْوَاهِهَا ".

ــ

فالأولى: تربصه حتى نظَر فى مصالِحه ولم يعجل، وهى الأناة.

والثانية: الحلم، وهى هذه الآخرة الدالَة على صحة عقله وجودة نظره للعواقب.

وقوله: " اشربوا فى آنية الأدم التى يُلاث على أفواهها "، قال الإمام: الأدمُ جمع أديم، وهو (١) الجلد الذى [قد] (٢) تم دباغة وتناهى. قال السيرافى: لم يجمع فعيل على فَعَلٍ إلا أديم وأدَمٌ وأفيق وأفَقٌ وقضَيمٌ وقضَمٌ - القضيمُ: الصحيفة، والأفيق: الجلد الذى لم يتم دباغة.

قال القاضى: وقوله: " يلاث على أفواهها " أى: يربط ويلف بعضها على بعض، قال العتبى: أصل اللوث الطى، ولثتُ العمامةَ: أى لففتُها، وهذا بمعنى اللفظ الوارد فى الرواية الأخرى: " عليكم بالمُوكى " مقصورٌ، أى: بالأسقية التى توكأ، أى تُربَط أفواهها بالوكاء، وهو الخيط الذى يربط به. والقضيمُ: الصحيفة كما قال، لكنَّها البيضاء التى لم يكتب فيها بعدُ. وإنَّما حضَّهم صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على الشراب فى آنية الأدم -وهى الأسقية- والموكى المذكور فى الأحاديث الأخر (٣) وفى كتاب الأشربة، لأنها لرقة جلودها لا يمكن أن يتم فيها فسادُ الأشربة وتخميرها حتى تنشق ويظهر فيها، بخلاف غيرها من الأوانى، فكانت آمَنَ من هذا، وقد بينَّاه فى كتاب الأشربة.


(١) فى ت: وهى.
(٢) ساقطة من الأصل.
(٣) فى ت: الثلاث.

<<  <  ج: ص:  >  >>