للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢٥ - (...) وحدّثنى عُبَيْدُ اللهِ بْنُ مُعَاذٍ، حَدَّثَنَا أَبِى. ح وَحَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ عَلِىٍّ الْجَهْضَمِىُّ، قَالَ: أَخْبَرَنِى أَبِى، قَالَا جَمِيعًا: حَدَّثَنَا قُرَّةُ بْنُ خَالِدٍ، عَنْ أَبِى جَمْرَةَ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ، عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهَذَا الْحَدِيثِ، نَحْو حَدِيثِ شُعْبَةَ، وَقَالَ: " أَنْهَاكُمْ عَمَّا يُنْبَذُ فِى الدُّبَّاءِ وَالنَّقِيرِ وَالْحَنْتَمِ وَالْمُزَفَّتِ "، وَزَادَ ابْنُ مُعَاَذٍ فِى حَدِيثِهِ عَنْ أَبِيهِ قَال: وَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للأَشَجِّ، أَشَجِّ عَبْدِ القَيْسِ: " إِنَّ فِيكَ خَصْلَتَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللهُ: الْحِلْمُ وَالأَنَاةُ ".

ــ

وقال أبو سلمة: الحنتم الجر كله، وعن ابن عمر وسعيد بن جبير نحوه. وعن عطاء: كانت تعمل من طين يعجن بالدمِ والشعر.

فلنهيه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنها ثلاثة أوجه (١):

إما لكونها مُزَفَّتة فَتُعينُ على شِدَّة ما يُلقى فيها ويُنبَّذ، لأجل الزفت (٢)، أو لأن الخمرَ كان يُحمَلُ فيها (فَنهى عن ذلِكَ؛ مخافة أن تنبذ فيها قبل حسن غسلها وذهاب طعم الخمر منها، ومخافة ضراوتها بالخمر، قيل: أو لنجاستها وقذارتها لعملها بالدم والشعر، وليُمتنعَ من عملها بذلك إذا نُهى عن استعمالها.

وقوله: " لأشج عبد القيس ": واسمه المنذر بن عائذ، بذال معجمة، وقيل: عائذ ابن المنذر، وقيل: المنذر بن الحارث، وقيل: عبد الله بن عوف: " إِنَّ فيك لخصلتين يحبهما الله: الحلم والأناة " الحلم: العقلُ، والأناة: التثبتُ وترك العجلة، ويقال: تأنى يتأنَّى تأنياً، ومنه قول الشاعر:

أناةً وحِلماً وانتظارًا بهم غدا ... [فما أنا بالوانى ولا الضَّرِع الغُمْرِ] (٣)

وإنما قال له النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هذا؛ لأنه ورد فى هذا الخبر فى غير الأم أن وفد (٤) عبد القيس لما وصلوا المدينة بادروا إلى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وأقام الأشجّ فجمع رحالهم وعقَل ناقَتَه، ولبس ثياباً جُدداً، ثمَّ أقبل إلى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فقربه النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأجلسه لجانبه، ثم إن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال لهم: " تبايعون على أنفسكم وقومكم؟ " فقال القوم: نعم، فقال الأشجُّ: يا رسول الله، إنك لم تزاول الرجل عن شىء أشدَّ عليه من دينه، نبايعك على أنفسنا وترسِل معنا من يدعوهُم، فمن أتبعنا كان معنا ومن أبى قاتلناه، قال: " صدقت، إن

فيك لخصلتين ... " الحديث.


(١) فى ت، ق: وجوه.
(٢) قال ابن حبيب: قال أهل العلم: إنما نهى عنه لئلا يعجل تغيير ما ينبذ فيها. المنتقى ٣/ ١٤٨.
(٣) سقط من ق.
(٤) قيل فى الوفد: إنه الجمع المختار للقدوم على العظماء من بُعدٍ، فإن لم يقدموا من بُعدٍ فليس بوفد. إكمال الإكمال ١/ ٨٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>