للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٥١ - (...) وحدّثنا يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا أَبُو خَيْثَمَةَ، عَنْ أَبِى الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ. ح وَحَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يُونُسَ، حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ، حَدَّثَنَا أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: خَرَجْنَا مَعَ رسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُهِلِّينَ بِالْحَجِّ، فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَشْتَرِكَ فِى الإِبلِ وَالْبَقَرِ، كُلُّ سَبْعَةٍ مِنَّا فِى بَدَنَةٍ.

ــ

واختلف الناس الموجبون للهدى على المحصر بظاهر هذه الآية هل ينحره بمكانه لأنهم نحروا بالحديبية الهدايا، أم لا ينحر إلا بمكة، لقوله تعالى هذه الآية: {ثُمَّ مَحِلُّهَا إِلَى الْبَيْتِ الْعَتِيقِ} (١). واختلفوا - أيضاً - إذا صده العدو عن حج تطوع فحل، هل عليه القضاء أم لا؟ فعندنا: لا قضاء عليه، وعند أبى حنيفة (٢): عليه القضاء، ولو صده عن حج الفريضة فلا يسقط عنه حجة الفريضة لأجل الصد، وعليه إذا حل أن يأتى بها، وقال ابن الماجشون من أصحاب مالك (٣): إذا صد بعد أن أحرم لحجة الفريضة وحل سقط عنه الفرض، وحكى الداودى فى كتاب النصيحة عن أبى بكر النعالى: الفرض يسقط عنه إذا أراد الحج وصدّه العدو وإن لم يحرم، وأظن أنه حكاه عن رجل آخر من أصحابنا، وكان بعض أصحابنا يستبشع هذا القول.

قال القاضى: الذى قرأته فى كتاب النصيحة لأبى جعفر الداودى - رحمه الله - ما هذا نصه: أن من صُد - يعنى بعد إحرامه - لم يسقط عنه حج الفريضة، وزاد ابن القرظى: أنه إذا صد أجزأه من حج الفريضة وإن لم يكن أحرم، وهذا تعبد فى النظر. انقضى قوله. ولم أره نسب القول إلى النعالى ولا إلى غيره سوى ابن شعبان، والنعالى هو أبو بكر تلميذ ابن شعبان، وفقيه مصر فى وقته.

قال الإمام: وأما إن صده المرض ومنعه من الوصول إلى البيت، فإنه لا يحل عندنا إلا بوصوله إلى البيت. فإذا وصل إليه وقد فاته الحج حلّ بعمرة، وكان عليه القضاء، وقال أبو حنيفة: المرض يبيح له التحلل كالعدو (٤)، ولقوله - عليه السلام -: " من كسر أو عرج فقد حل " (٥)، وحكى عن الفراء أنه يقال: أحصره المرض والعدو، [ولا يقال: حصِره إلا فى العدو خاصة، وحكى صاحب الأفعال: أحصره المرض والعدو] (٦) معناه (٧) من السير، وحصرت القوم: ضيقت عليهم، وحصرت الرجل وأحصرته: حبسته.


(١) الحج: ٣٣.
(٢) انظر: الاستذكار ١٣/ ١٠٣.
(٣) انظر: الاستذكار ١٣/ ١٠٣، المغنى ٥/ ١٩٦ - ١٩٨.
(٤) انظر: بدائع الصنائع ٣/ ١٢٠٦ وما بعدها.
(٥) أحمد ٣/ ٤٥٠، أبو داود، ك الحج، ب الإحصار ١/ ٤٣١، الترمذى، ك الحج، ب ما جاء فى الذى يهل بالحج فيكسر أو يعرج ٣/ ٢٦٨ وقال: " حديث حسن صحيح "، ابن ماجه، ك المناسك، ب المحصر (٣٠٧٧).
(٦) سقط من الأصل، واستدرك فى الهامش.
(٧) فى المعلم: ومعناه.

<<  <  ج: ص:  >  >>