للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠٨ - (١٣٣٥) حَدَّثَنِى عَلِىّ بْنُ خَشْرَمٍ، أَخْبَرَنَا عِيسَى عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، عَنِ ابْنِ

ــ

لها ذلك أو له فيه أجر ومنفعة؛ هذا أظهر معانى الحديث وهو مذهب مالك ومن شايعه، وقال بقوله من السلف والخلف: إن الاستطاعة على العموم، وهى القدرة على الوصول كيف تأتى، وليس من شرطه الراحلة لمن يقدر على الوصول على رجليه من غير مشقة فادحة.

واختلف شيوخنا: هل تراعى فى ذلك عادته أم لا؟ قال مالك: ما ذلك إلا قدر طاقة الناس، ولا صفة فيها أبلغ مما قال الله تعالى: {مَنِ اسْتَطَاعَ إلَيْهِ سَبِيلاً} (١)، وذهب معظم الفقهاء إلى أن الاستطاعة الزادُ والراحلة، ولم يلزموا من لا يقدر على الراحلة ويقدر على المشى الحج. وقد ذهب بعض أصحابنا إلى أن الاستطاعة الزاد والراحلة (٢)، ولكن لا يوافقون المخالف فى مآل قوله: وقد جاء حديث بهذا فى تفسير الاستطاعة، وتأويله عندنا: أنها أحد أنواع الاستطاعات لا أنه تفسير كلية الاستطاعة، وعليه يتأول ما أطلقه من ذلك بعض أصحابنا بدليل حال أبى الخثعمية، وهو ممن يستطيع مع وجود الزاد والراحلة (٣)، مع أن أهل الحديث قد ضعّفوا راوى هذا التفسير فى الحديث، ولعمرى إنه ليبين إن صح ويشير إلى معنى الاستطاعة وهو السبب الموصل للبيت من الزاد والراحلة، وما فى معناها من صحة الجسم وأمان الطريق؛ إذ الزاد والراحلة فى طيهما، فما قام مقامهما من صحة البدن قام مقامهما فى الوجوب.


(١) آل عمران: ٩٧.
(٢) انظر: التمهيد ٩/ ١٢٦ وما بعدها، تفسير القرطبى ٤/ ١٤٥ وما بعدها.
وقال عمر بن الخطاب: {مَنِ اسْتَطَاعَ الَيْهِ سَبِيلاً}: قال: الزاد والراحلة، وبه قال ابن عباس وعطاء وعمرو بن دينار وسعيد بن جبير والحسن. قال أبو جعفر: وأولى الأقوال عندنا بالصواب قول من قال بقول ابن الزبير وعطاء أن ذلك على قدر الطاقة؛ لأن السبيل فى كلام العرب الطريق، فمن كان واجداً طريقاً إلى الحج لا مانع له من زمانة أو عجز أو عدو أو قلة ماء فى طريقه أو زاد أو ضعف عن المشى، فعليه فرض الحج لا يجزيه إلا أداؤه، فإن لم يكن واجداً سبيلاً، أعنى بذلك؛ فإن لم يكن مطيقاً الحج لتعذر بعض هذه المعانى التى وصفتها عليه، فهو ممن لم يجد إليه طريقاً ولا يستطيعه؛ لأن الاستطاعة إلى ذلك هو القدرة عليه. انظر: تفسير الطبرى ٤/ ١١، ١٢.
(٣) الحديث فى الترمذى، ك الحج، ب ما جاء فى إيجاب الحج بالزاد والراحلة برقم (٨١٣)، وقال فيه: " حديث حسن "، وقال: فيه ابن يزيد الخوزى قد تكلم فيه ٣/ ١٦٨، وابن ماجه، ك المناسك، ب ما يوجب الحج، عن ابن عمر، وجاء عن ابن عباس ٢/ ٩٦٧، والبيهقى فى الكبرى، ب الرجل يطيق المشى، عن أنس، وهو من مراسيل الحسن، وكذا حديث ابن عمر وابن عباس، ثم قال: أما حديث ابن عمر ضعفه أهل العلم بالحديث، وأما حديث أنس فما أراه إلا وهماً.
وروى عن عائشة أنها قالت: سئل النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ما السبيل إلى الحج؟ قال: " الزاد والراحلة "، والمحفوظ منها حديث الحسن عن قتادة. الكبرى ٤/ ٣٣٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>