للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣٣ - (٢١) وحدّثنا أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى وَأَحْمَدُ بْنُ عِيسَى، قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا، وَقَالَ الآخَرَانِ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: أَخْبَرَنِى يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى سَعِيِدُ بْنُ الْمُسَيّبِ؛ أَنَّ أَبَا هُرَيْرَةَ أَخْبَرَهُ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَقُولُوا: لَا إله إِلَّا الله، فَمَنْ قَالَ: لَا إلهَ إِلَّا الله عَصَمَ مِنِّى مَالَهُ وَنَفسَهُ إِلَّا بِحَقّهِ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ ".

ــ

قيل: أخذ نقداً.

ومنه قول الشاعر:

ولم يأخذ عقالاً ولا نقدا (١)

وقد روى فى هذا الحديث: " لو منعونى عناقاً " وروى: " جَدْيًا " وهو تفسير عناق وقد احتج من يرى أخذ العناق فى الزكاة من الغنم إذا كانت سخالاً (٢) كُلَّها بهذا وهو [أحد الأقوال عندنا ولا حجة فيه؛ لأنه إنما ورد على ضرب المثل للتقليل على الصحيح، واحتج بعضهم فى الزكاة فى العروض إذا كانت للتجارة بقوله: " لو منعونى عقالاً "، وفيه حجة] (٣) [أن الردة لا تسقط الزكاة عن مال المرتد] (٤) وفيه حجه على أن حول الأولاد حول الأمهات إذ لم يأت للعناق حول.

ومعنى " عصموا ": منعوا، قال الله تعالى: {وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ} (٥) و {لا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ} (٦){يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ}] (٧)، وقد فسَّره بعدُ فى الحديث الآخر بقوله: " حَرُم مالُه ودمه "، واختصاصه ذلك بمن قال: لا إله إلا الله، تعبير عن الإجابة إلى الإيمان، وأن المراد بهذا (٨) مشركو العرب، وأهل الأوثان، ومن لا يُقِرُّ بالصانع ولا يُوحده، وهم كانوا أول من دُعى إلى الإسلام وقوتل عليه، فأما غيره ممن يُقر بالتوحيد والصانع فلا يُكتَفى فى عصمة دَمِه بقوله ذلك، إذ كان يقولها فى كفره، وهى من اعتقاده، فلذلك جاء فى الحديث الآخر: " وأنى رسول الله، ويقيم الصلاة، ويؤتى الزكاة ".

وفيه من الفقة اجتهاد الأئمة فى النوازل، وردها إلى الأصول والمناظرة فيها، ورجوع


(١) جاء بعدها فى ق: وقيل: المراد ما نتج فى العقال إذا كان من عروض التجارة، فبلغ مع غير ما فيه الزكاة. ولا وجه له عندى.
(٢) السخلة: ولد الشاة من المعز والضأن، ذكراً كان أو أنثى، والجمع سخل وسخال وسِخُلة، وقيل: هو ولد الغنم ساعة تضعُه أمه.
(٣) سقط من ق.
(٤) سقط من الأصل، ق، واستدرك بهامش الأصل وسقوط الزكاة عن مال المرتد هو قول أبى حنيفة والثورى؛ لأن ردّته أحبطت عمله، فأسقطت ما عليه من حقوق الله تعالى. وما ذكره القاضى هو مذهب الشافعى وأحمد أيضاً؛ لأنه حق عليه، فلم يسقط بردته كحقوق الآدميين.
قلت: وهذا النزاع فى المرتد الذى لم يشهر سيفاً. راجع: المغنى ١٢/ ٢٩٧.
(٥) المائدة: ٦٧.
(٦) هود: ٤٣.
(٧) سقط من ق. وهى الآية ٤٣ من سورة هود.
(٨) فى ت: بها.

<<  <  ج: ص:  >  >>