للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله ". فَقَالَ أَبُو جَهْلٍ وَعَبْدُ اللهِ بْنِ أَبِى أُمَيَّةَ: يَا أَبَا طَالِبٍ، أَتَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ؟ فَلَمْ يَزَلْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَعْرِضُهَا عَلَيْهِ، وَيُعِيدُ لَهُ تِلْكَ الْمَقَالَةَ، حَتَّى قَالَ أَبُو طَالِبٍ آخِرَ مَا كَلَّمَهُمْ: هُوَ عَلَىَ مِلَّةِ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ. وَأَبى أَنْ يَقُولَ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " أَمَا وَالله، لأَسْتَغْفِرِنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْك فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَن يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُوْلِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ} (١). وَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى فِى أَبِى طَالِبٍ، فَقَالَ لِرَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالمُهْتَدِينَ} (٢).

٤٠ - (...) وحدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيم وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، قَالَا: أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ. ح وَحَدَّثَنَا حَسَنٌ الْحُلْوَانِىُّ وعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ. قَالَا: حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ - وَهُوَ ابْنُ إِبْراهِيمَ بْنِ سَعْدٍ - قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى عَنْ صَالِحٍ، كِلَاهُمَا عَنِ الزُّهْرِىِّ بِهذَا الإِسْنَادِ، مِثْلَهُ. غَيْرَ أَنَّ حَدِيثَ صَالِحٍ انْتَهَى عِنْدَ قَوْلِهِ: فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ. وَلَمْ يَذكُرِ الآيَتَيْنِ. وَقَالَ فِى حَدِيثِهِ: وَيَعُودَانِ فِى تِلْكَ الْمَقَالَةِ وَفِى حَدِيثِ مَعْمَرٍ مَكَاَنَ هذِهِ الْكَلِمَةِ، فَلَمْ يَزَالَا بِهِ.

ــ

وهى أيضاً فضيلة لمن رُزِقها كما قال فى المقيم بالمدينة: " والصابر على شدتها كنت له شهيداً أو شفيعاً يوم القيامة " (٣)، ويكون هذا أيضاً لتطييب قلب عمه إن قالها؛ لما يرجوه من الخير بشهادته له وطلبه بها له من ربه جزيل ثوابه، مع ما تقدم له من نصره والذبّ عنه، كما قال فى الرواية الأخرى: " أُحاج لك بها يوم القيامة "، وإن كانت الأعمال فى الكفر غير نافعةٍ لكن رجا له -عليه السلام- بموته على الإسلام من تفضل الله بما شاء من ثوابه، وشفاعته له ومكانته منه، وقد نالته بركتهُ مع موته على الكفر وخُفّفَ عذابُه بذلك، فكيف لو أسعده الله باتباعه؟! وسيأتى إكمال الكلام على هذا الفصل فى حديث حكيم


= ٤/ ١٨٠٠ بمثل رواية البخارى. كما أخرجه الترمذى والنسائى وابن ماجه ومالك فى الموطأ، وأحمد فى المسند ١/ ٣٩، ٥٠، ٢٣٥، ٢٥٣، ٣٨٤، ٣/ ٢٨، ١٠٢، ٢٨١، ٤/ ٣٩٦، ٥/ ٤٨، ٥٠، ٣٨٨، ٣٩٣، ٤٠٠، ٤١٢، الترمذى فى أبواب القيامة ٣، والتفسير، والنسائى فى ك الافتتاح، ب ٢١ عن أنس ٢/ ١٣٤ وكذا الجنائز والحج.
ولعل مقصد القاضى من جمعه بين الحديثين بيان وقت المراد بالآية وحديث الباب إذا كان معناهما الرأى الأول الذى ذكرنا.
(١) التوبة: ١١٣.
(٢) القصص: ٥٦.
(٣) جزء حديث لأحمد، أخرجه فى المسند عن أبى هريرة ٢/ ٤٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>