للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤١ - (٢٥) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَبَّادٍ وَابْنُ أَبِى عُمَرَ، قَالَا: حَدَّثَنَا مَرْوَانُ عَنْ يَزِيدَ - وَهُوَ ابْنُ كَيْسَانَ - عَنْ أَبِى حَازِمٍ، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّهِ عِنْدَ المَوْتِ: " قُلْ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ، أشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " فَأَبى، فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْت} الآيةَ (١).

٤٢ - (...) حدّثنا مُحَمَّدُ بْنُ حَاتِمِ بْنِ مَيْمُونٍ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا يَزِيدُ ابْنُ كَيْسَانَ، عَنْ أَبِى حَازِمٍ الأَشْجَعِى، عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ؛ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَمِّه: " قُلْ: لَا إِلهَ إِلَّا اللهُ، أشْهَدُ لَكَ بِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ " قَالَ: لَوْلَا أَنْ تُعيِّرَنِى قُرَيْشٌ، يَقُولُونَ: إِنَّمَا حَمَلَهُ، عَلَى ذلِكَ، الجَزَعُ، لأَقْرَرتُ بِهَا عَيْنَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ: {إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاء}.

ــ

وحديث الشفاعة.

وقوله: " إنما حمله على ذلك الجزع ": كذا روايتنا فى هذا الموضع فى " الأم " وغيرها من كتب الحديث والخبر عن جملة شيوخنا بالجيم والزاى، إلا فيما قرأناه على أبى الحسن سراج بن عبد الملك اللغوى الحافظ فى كتاب أبى عبيد الهروى، فإنه ذكره الخَرَعُ -بالخاء والراء- وكذا نبهنا عليه غير واحد من شيوخنا أنه الصواب، وحكى أبو سُليمان الخطابىُّ أنَّ ثعلباً كان يقول ذلك، وفسَّره بالضعف والخور، وقال شمُر بن حَيْدُويه (٢): كل رخو ضعيفٌ خريعٌ وخرِع، قال: والخَرَع الدَهَشُ، ومنه قول أبى طالب. فذكره، وفسّرَه بالضَعْفِ والخورَ.

وقوله: " حين حضرته الوفاة ": أى قرُب حاله وظهرت دلائل موته، وذلك كله قبل المعاينة، ولو كان بعد المعاينة والحضور الحقيقى لما نفعه، لقوله تعالى: {وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ للَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآن} (٣)، ويدلُ على أنه لم يكن يُعاين ما جرى من محاوره النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وكفار قريش معه ومجاوبتهم بما جاوب. وقد رأيتُ بعضَ المتكلمين على الحديث جعل الحضور على حقيقة الاحتضار وأن النبى- عليه السلام- رجا بقوله ذلك حينئذ أن تناله الرحمة ببركته -عليه السلام- ولهذا قال: " أشهد وأُحَاجُّ لك بها " ولا يصح لما قدمناه.


(١) القصص: ٥٦.
(٢) هو شمْرُ بن حيدويه الهروىّ، أبو عمرو، أحدُ الأثبات الثقات الحفَّاظ للغريب وعلم العرب. رحل إلى العراق فى شبيبته، وأخذ عن ابن الأعرابى وعن جماعة من أصحاب أبى عمرو الشيبانى، وأبى زيد الأنصارى، وأبى عُبيدَة والفراء، منهم أبو حاتم السجستانى، ألف كتاباً كبيراً ابتدأه بحرف الجيم وطوله بالشواهد والروايات الجمة، وأودعه تفسير القرآن وغريب الحديث، قال الصفدى: لم يسبق إلى مثله، ولما كمل الكتاب فى حياته ضَنَّ به، فلم يبارك الله له فيما فعله حتى مضى لسبيله، فأختزل بعض أقاربه ذلك الكتاب، قال الأزهرى: أدركت من ذلك الكتاب تفاريق أجزاء، فتصحفتُ أبوابها، فوجدتُها على غاية من الكمال. الوافى بالوفيات ١٦/ ١٨٠، إنباه الرواة ٢/ ٧٧.
(٣) الأنبياء: ١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>