للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ - (...) حدَّثنا عُثْمَانُ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا جَرِيرٌ، عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ عُمَارَةَ بْنِ

ــ

حكمه بحسب اختلاف الأحوال. فيجب تارة عندنا فى حق من لا ينكف عن الزنا إلا به، وقد وقع لبعض أصحابنا إيجابه على صفة، ومحمله أنه على مثل من هو على هذه الحالة.

ويكون مندوبًا إليه فى حق من يكون مشتهيًا له، ولا يخشى على نفسه الوقوع فى المحرم، ولا ينقطع به عن أفعال الخير.

ويكون مكروهًا لمن لا يشتهيه وينقطع به [عن عبادته وقرباته.

وقد يختلف فيمن لا يشتهيه ولا ينقطع به] (١) عن فعل الخير، فيقال: يندب إليه للظواهر الواردة فى الشرع بالترغيب فيه. وقد يقال: يكون فى حقه مباحًا.

قال القاضى: أما فى حق كل من يرجى منه النسل ممن لا يخشى العنت على نفسه، وإن لم يكن له إليه شهوة؛ فهو فى حقه مندوب [إليه] (٢) لقوله - عليه السلام -: " فإنى مكاثر بكم الأمم " (٣)، ولظواهر الحضِ على النكاح والأمر به، وكذلك فى حق كل من له رغبة فى نوع من استمتاع النساء، فإن كان ممنوعًا عن الوطء، لكن النكاح يغض بصره، وأما فى حق من لا ينسل ولا أرب له فى النساء جملة ولا مذهب له فى الاستمتاع بشىء منهن، فهذا هو الذى يقال فى حقه: إنه مباح إذا علمت المرأة بحاله، وقد يقال حتى الآن: إنه مندوب لعموم الأوامر بالتزويج، ولقوله: " لا رهبانية فى الإسلام " (٤).

وقوله: " فعليه بالصوم "، قال الإمام: [فيه إغراءٌ بالغائب، ومن أصول النحاة: ألا يغرى بغائب، وقد جاء شاذًا قول بعضهم: عليه رجلاً ليسنى، على جهة الإغراء] (٥). قال القاضى: هذا الكلام الذى قاله - رحمه الله - موجود لبعضهم كما ذكره، وإن كان مجموعه ليس من قول أحد. ولكن على قائليه فى ذلك أغاليط ثلاثة: أولها: قول من قال: لا يجوز الإغراء بالغائب كما ذكره، وهو غفلة ووهم من قائله. ولفظ جاء على غير تأمل وتحصيل، وهو لفظ أبى محمد بن قتيبة وأبى القاسم الزجاجى وبعضهم، وصوابه: لا يجوز إغراء الغائب ولا يغرى غائب، وإنما يغرى الحاضر والشاهد.

وأما الإغراء بالشاهد والغائب فجائز. وهذا نص أبى عبيد على الصواب فى هذا


(١) سقط فى الأصل، واستدرك بالهامش.
(٢) ساقطة من ع.
(٣) النسائى، ك النكاح، ب كراهية تزويج العقيم ٦/ ٦٥، ٦٦ عن معقل بن يسار، وابن ماجه، ك النكاح، ب تزويج الحرائر والولود (١٨٦٣) عن أبى هريرة.
(٤) الدارمى، ك النكاح، ب النهى عن التبتل بلفظ: " إنى لم أومر برهبانية " ٢/ ١٣٣ عن سعد بن أبى وقاص.
(٥) فى هامش ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>