للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥ - (١٤٠١) وحدّثنى أَبُو بَكْرِ بْنُ نَافِعٍ العَبْدِىُّ، حَدَّثَنَا بَهْزٌ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ ثَابِتٍ، عَنْ أَنَسٍ؛ أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلُوا أَزوَاجَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ

ــ

وذكر مسلم فى هذا الباب عن عبد الرحمن بن يزيد، [قال] (١) دخلت أنا وعمى علقمة والأسود على عبد الله بن مسعود - الحديث. كذا عند شيوخنا، وهو الصواب.

وفى بعض الروايات: دخلت أنا وعماى علقمة والأسود، وهو خطأ، إنما الأسود بن يزيد ابن قيس أخو عبد الرحمن بن يزيد لا عمه، وإنما عمه علقمة بن قيس.

وقوله: " إن نفرًا من أصحاب النبى - عليه السلام - سألوا أزواج النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن عمله فى السر " الحديث، وقوله - عليه السلام -: " ما بال أقوام قالوا كذا وكذا؟ لكنى أصلى وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتى فليس منى ": يحتج به من يقول بوجوب النكاح كما تقدّم. ولا حجة له فيه؛ إذ ذكر فى أول الحديث أن بعضهم قال: لا آكل اللحم. وقال بعضهم: لا أنام على فراش، ثم قرن - عليه السلام - ذكر النكاح بالأكل والنوم. وعلى جميعه رد قوله: " فمن رغب عن سنتى [فليس منى] (٢) لا على النكاح وحده. ولا قائل يقول: بوجوب النوم على الفرش وأكل اللحم. فرد الكلام على النكاح وحده دون قرينة ولا دليل عليه: دعوى لا يلتفت إليها، فلم يبق إلا أن معناه ما تقدم.

قال الطبرى: وفيه رد على من منع من استعمال الحلال والمباحات من الأطعمة الطيبة والملابس اللينة وآثر عليها غليظ الطعام وخشن الثياب من الصوف وغيره، وإن كان صرف فضلها فى وجوه البر؛ لأن حياطة جسم الإنسان، وصيانة صحته بذلك، آكد وأولى، واحتج بقوله تعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّه} الآية (٣)، وقوله: {لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُم} الآية (٤).

قال القاضى: وهذا باب قد اختلف فيه السلف كثيرًا، فمنهم من آثر ما قال الطبرى، ومنهم من آثر ما أنكره. واحتج هؤلاء بقوله فى ذم أقوام: {أَذْهَبْتُمْ طَيِّبَاتِكُمْ فِي حَيَاتِكمُ الدُّنْيَا وَاسْتَمْتَعْتُم بِهَا} (٥)، وقد احتجّ عمر بن الخطاب - رضى الله عنه - بذلك. وحجة الآخر عليهم: أن الآية نزلت فى الكفار؛ بدليل أول الآية وآخرها.

والنبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أخذ بالأمرين، وشارك فى الوجهين، فَلبِس مرةً الصوف، والشملة الخشنة، ومرة البردة والرداء الحضرمىّ، وتارة أكل القثاء بالرطب وطيب الطعام إذا وجده


(١) ساقطة من ق.
(٢) من ق.
(٣) الأعراف: ٣٢.
(٤) المائدة: ٨٧.
(٥) الأحقاف: ٢٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>