تأبيد التحريم بمكة فى الفتح وحجة الوداع، وتترك الرواية بتحليلها فى حجة الوادع، إذ هى مروية عن سبرة الجهنى. وروايات الأثبات عنه أنها فى يوم الفتح، ومجرد النهى يوم حجة الوداع، فيؤخذ من حديثه ما اتفق عليه الجمهور، ووافقه عليه غيره من الصحابة من النص عنها قبل الفتح، وبترك ما انفرد به من روى عنه تحليلها يوم حجة الوداع، ويصحح رواية من روى عنه مجرد النهى فى حجة الوداع تأكيدًا وإبلاغًا.
وأما قول الحسن: إنها كانت فى عمرة القضاء لا قبل ولا بعد، فبرده ثبات حديث خيبر وهى قبلها وما جاء فى إباحتها فى أحاديث يوم الفتح وأوطاس، مع أن الرواية بهذا إنما جاءت عن سَبْرَةَ وهو راوى الروايات الأخر وهى أصح، فيترك ما خالف الصحيح.
وقد قال بعضهم: هذا مما تداوله التحريم والإباحة والفسخ مرتين كما قيل فى مسألة القبلة. ولا خلاف بين العلماء أن هذه المتعة كانت نكاحًا إلى أجل لا ميراث فيه، وفراقها بانقضاء الأجل من غير طلاق، ووقع الإجماع على تحريمها بعد من جميع العلماء إلا الروافض. واتفق السلف على تحريمها آخراً إلا ما روى عن ابن عباس من إجازتها، وقد روى عنه أنه رجع عن ذلك، وأجمعوا على أنه متى وقع نكاح المتعة الآن أنه يفسخ أبدًا قبل الدخول وبعده، إلا ما تقدم عن زفر.
واختلف كبراء أصحاب مالك، هل يحد فاعله إذا دخل حد البكر والمحصن أو لا حد عليه؟ لشبهة العقد، وللخلاف المتقدم فيه، وأنه ليس من تحريم القرآن ولكنه يعاقب عقوبة شديدة، وهذا المروى عن مالك وأصل هذا عند بعض شيوخنا التفريق بين ما حرمته السنة أو حرمه القرآن، وأيضًا فالخلاف بين الأصوليين، هل يصح الإجماع على أحد القولين بعد الإجماع أم لا ينعقد؟ وحكم الخلاف باق، وهذا مذهب القاضى أبى بكر، وهذا على القول بعدم الصحة عند رجوع ابن عباس عنه، وأما على ما روى من رجوعه، فقد انقطع الخلاف جملة.
وكلهم مجمعون أنه إن نكح نكاحًا مطلقًا لكن فى نيته ألا يمكث معها إلا مدة نواها، فإن النكاح جائز وليس نكاح متعة، وإنما نكاح المتعة ما وقع بالشرط المذكور، لكن مالكًا قال: ليس هذا من الجميل، ولا من أخلاق الناس. وشذ الأوزاعى فقال: هو نكاح متعة لا خير فيه.