للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْوَاحِدِ بْنُ زِيَادٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عُمَيْسٍ، عَن إِيَاسِ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: رَخَّصَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، عَامَ أَوْطَاسٍ، فِى الْمُتْعَةِ ثَلَاثًا. ثُمَّ نَهَى عَنْهَا.

ــ

روى أبو داود فى حديث الربيع بن سبرة عن أبيه النهى عنها فى حجة الوداع، وقال أبو داود: وهذا أصح ما روى فى ذلك (١)، وقد روى عن سبرة - أيضاً - إباحة ذلك فى حجة الوداع. وقصته وقصة صاحبه والبردين التى ذكر مسلم حينئذ، ثم نهى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ [عنها] (٢) حينئذ إلى يوم القيامة، وروى عن الحسن البصرى أيضًا: ما حلت قط إلا فى عمرة القضاء. وروى هذا عن سَبَرة الجهنى أيضًا.

ولم يذكر مسلم فى حديث سبرة تعيين وقت إلا فى حديث أحمد بن سعيد الدارمى وحديث إسحاق بن إبراهيم. وحديث يحيى بن يحيى، فإنه ذكر فيه عام فتح مكة. قالوا: وذكر الرواية بإباحتها فى حجة الوداع خطأ؛ لأنه لم يكن ثم ضرورة ولا غربة، وأكثرهم حجوا بنسائهم.

والصحيح فيها مجرد النهى، كما جاء فى غير رواية، ويكون تحديد النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ النهى عنها يومئذ لاجتماع الناس وتبليغ الشاهد الغائب، وإتمام الدين وتقرير الشريعة كما قرر غير شىء، وبين حله وحرامه، وبتّ تحريم المتعة حينئذ بقوله: " إلى يوم القيامة "، وعلى هذا يحمل ما جاء فى تحريم المتعة يوم خيبر فى عمرة القضاء يوم أوطاس ويوم الفتح وهو بمعنى يوم أوطاس؛ إذ هى غزوة متصلة واحدة، وأنه جدد النهى عنها فى هذه المواطن، إذ حديث تحريمها يوم خيبر صحيح لا مدفع فيه من رواية الثقات الأثبات عن ابن شهاب لكن فى رواية سفيان عنه: " نهى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن المتعة وعن لحوم الحمر الأهلية يوم خيبر " فتأول بعضهم بأن الكلام منقطع، وأن يوم خيبر مختص بتحريم الحمر الأهلية، وأرسل تحريم المتعة على غيرها ليوافق بين الأحاديث. وقال هؤلاء: الأشبه فى تحريم المتعة أنه كان بمكة، وأما لحوم الحُمر الأهلية فبخيبر بغير خلاف، وهذا حسن لو ساعدته سائر الروايات عن غير سفيان.

والأولى ما قلناه وتقدم من تكرير التحريم، لكن يبقى بعد هذا ما جاء فى ذكر إباحته فى عمرة القضاء، ويوم أوطاس ويوم الفتح، فيحمل أنه - عليه السلام - أباحه لهم للضرورة بعد التحريم، ثم أطلق تحريمه بعد للأبد بقوله: " من يومكم هذا إلى يوم القيامة "، فيكون التحريم أولاً بعد الإباحة للضرورة عند ارتفاعه بخيبر وعمرة القضاء، ثم


(١) أبو داود، ك النكاح، ب فى نكاح المتعة (٢٠٧٢).
(٢) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>