للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ ابْنُ شِهَابٍ: فَنُرَى خَالَةَ أَبِيهَا وَعَمَّةَ أَبِيهَا بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ.

٣٧ - (...) وحدّثنى أَبُو مَعْنِ الرَّقَاشِىُّ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ الْحَارِثِ، حَدَّثَنَا هِشَامٌ،

ــ

وأما الجمع بملك اليمين [بين من ذكرنا تحريم الجمع بينهما بالنكاح، ففيه اختلاف، فقيل: لا يجمع بين الأختين بملك اليمين] (١) وهو جُلّ قول الناس؛ لقول الله تعالى: {وَأَن تَجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْن} (٢)، وقيل: ذلك بخلاف النكاح؛ لقول الله تعالى: {أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم} (٣)، فعمّ، فصار سبب الخلاف أَىُّ العمومين أولى أن يقدم؟ وأىّ الآيتين [أولى] (٤) أن يخص بها الأخرى؟ والأصح تقديم آية النساء والتخصيص بها؛ لأنها وردت فى نفس المحرمات وتفصيلهن، وكانت أولى من الآية التى وردت فى مدح قوم حفظوا فروجهم إلا عما أبيح لهم، وأيضاً فإن آية ملك اليمين دخلها التخصيص باتفاق؛ إذ لا تباح له بملك اليمين ذوات محارمه اللاتى يصح له ملكه لهن، وما دخله التخصيص من العموم ضعف.

قال القاضى: أجمع المسلمون على الأخذ بهذا النهى فى الجمع بين الأختين، وفى الجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها فى النكاح، أو فى الوطء بملك اليمين، وقد كان فى جمع الوطء بملك اليمين اختلاف من بعض السلف استقر بعد الإجماع عليه، إلا طائفة من الخوارج لا يلتفت إلى قولهم قالوا: يجمع بين الأختين بملك اليمين، وبالجمع بين المرأة وعمتها أو خالتها عمومًا؛ تعلقًا بظاهر قوله: {وَأَن تجْمَعُواْ بَيْنَ الأُخْتَيْن}، ثم قال: {وَأُحِلَّ لَكُم مَّا وَرَاءَ ذَلِكُم} (٥)، وتعلقًا بأن أخبار الآحاد لا يخصص بها عموم القرآن. وهما مسألتا خلافٍ بين أهل الأصول. والصحيح جوازهما؛ لأن خبر النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مبين مفسرٌ لما جاء به عن الله، ونحن متعبدون بامتثاله وللإجماع بإلحاق الجمع بين هؤلاء بالجمع بين الأختين مع هذه الآثار الصحيحة المفسرة لمجمل الآية المبين لها يرد عليهم.

وعلة ذلك ما يفضى ذلك إليه من التقاطع والتدابر بغيرة الضرائر، وأنها العلة الموجودة فى الأختين.

وقاس بعض السلف على هذا جملة القرابة، فمنع الجمع بين بنتى العمّ أو بنتى الخال، أو بنتى العمّة أو الخالة. وجمهور العلماء وأئمة الفتوى على خلاف هذا، وقصر التحريم على ما نص عليه أو ما ينطلق عليه لفظه من العمات والخالات وإن علون.

وكذلك اختلفوا فى الجمع بين زوجة الرجل وابنته من غيرها، فأجازه جمهورهم إذا


(١) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(٢) النساء: ٢٣.
(٣) النساء: ٣.
(٤) من ع.
(٥) النساء: ٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>