للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

بلسانه، أو لم تمهله المدةُ لقولها: " حتى اختُرِم " (١)، ولا حجَّة للمخالف للجماعة بهذا اللفظ؛ إذ قد ورد مفسراً فى الحديث الآخر بقوله: " من قال: لا إله إلا الله، ومن شهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله "، وقد جاء هذا الحديث وأمثلةٌ له كثيرةٌ فى ألفاظها اختلاف، ولمعانيها عند أهل التحقيق ائتلاف، وللناس فيها خبط كثير وعن السلف خلاف مأثور (٢)، فجاء هذا اللفظ فى هذا الحديث، وجاء فى رواية معاذ عنه -عليه السلام-: " من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة "، وعنه فى رواية أخرى: " من لقى الله لا يُشْرِك به شيئاً دخل الجنة "، وعنه فى رواية أخرى: " من لقى الله لا يُشْرِك به شيئاً دخل الجنة "، وعنه فى أخرى -عليه السلام-: " ما من عبد يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله صادقاً من قلبه إلا حرَّمَه الله على النار " ونحوه في حديث عبادة بن الصامت وعتبان (٣) بن مالك، وزاد فى حديث عبادة: " على ما كان من عمل "، وفى حديث أبى هريرة: " لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما إلا دخل الجنة "، وفى حديث آخر: " فيحجب عن الجنة "، وفي حديث أبى ذر وأبى الدرداء: " ما من عبد قال: لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، وإن زنى وإن سرق "، وفى حديث أنس: " حرم على النار من قال: لا إله إلا الله يبتغى بذلك وجه الله ".

وهذه الأحاديث كلها قد سردها مسلم فى كتابه، فحكى عن جماعة من السلف منهم " ابن المسيب " وغيره أن هذا كان قبل أن تنزل الفرائض والأمر والنهى، وذهب بعضهم إلى أنها مجملة تحتاج إلى شرح، ومعناه: من قال الكلمة وأدى حقَّها وفريضتها، وهو قول " الحسن البصرى " (٤) وذهب بعضهم إلى أن ذلك لمن قالها عند التوبة والندم ومات على ذلك. وهو قول البخارى (٥).


(١) وليس بشرط للداخل فى الإسلام النطق بلفظة " أشهد " ولا التعبير بالنفى والإثبات، فلو قال: الله واحد، ومحمد رسول الله كفى، وأما كون النطق بذلك شرطاً فى حصول الثواب المذكور فمحتمل. وذهب قوم إلى اشتراط صيغة أشهد لاعتبار الإسلام؛ لأن المحل محل تعبد فلا يعدل عما نص عليه الشرع. إكمال الإكمال ١/ ١١٧، وبهامشه مكمل إكمال الإكمال.
(٢) نقل الأبى محاذيه تلك العبارة فى كتابه إكمال الإكمال، وأثبتها على غير وجهها، فقد جاءت هناك بألفاظ مختلفة للسلف فيها خبط كثير. إكمال الإكمال ١/ ١١٢.
(٣) فى الأصل: عبات، والمثبت من ت، وهو الصواب.
(٤) فى إكمال الإكمال: وتأولها الحسن بحملها على من مات ولم يعص ١/ ١١٣، وأنت ترى أن البون بين الاثنين واسع.
(٥) ذكره بعد سياقه لحديث أبى ذر فى كتاب اللباس فقال: " قال أبو عبد الله: هذا عند الموت أو قبله إذا تاب وندم وقال: لا إله إلا الله غفر له " ٧/ ١٩٣. وقد ترجم بمثل هذا لهذا الحديث في أول كتاب الجنائز قال: " باب فى الجنائز، ومن كان آخر كلامه لا إله إلا الله، وقيل لوهب بن منبه: أليس لا إله إلا الله مفتاح الجنة؟ قال: بلى، ولكن ليس مفتاحٌ إلا لهُ أسنان، فإن جئت بمفتاح له أسنان فتح لك، وإلا لم يفتح لك " ٢/ ٨٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>