للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

جبر البكر اليتيمة قياساً على الأب.

وأما إذا بلغت البكر فجبر الأب إياها ثابت عندنا وعند الشافعى، استصحاباً لما اتفق عليه من ذلك، ولما ثبت بالدليل قبل البلوغ. وقال أبو حنيفة: لا يجبرها الأب إذا بلغت لما وقع هاهنا فى كتاب مسلم من قوله: " يستأمرها أبوها "، ويحمل هذا عندنا على الندب، وقد قال أبو داود: أبوها ليس بمحفوظ (١) فى هذا الحديث؛ لأن قوله: " الثيب أحق بنفسها " دليله أن البكر لا تكون أحق بنفسها، وقد جعل البكر البالغ أحق بنفسها كالثيب، وهذا ينافى دليل الخطاب الذى قلناه.

فأما إذا عنَّستْ البكر فى بيت أبيها، فالمذهب عندنا على قولين فى جبره إياها على النكاح، فمن رأى أن العلة فى الجبر مجرد البكارة أثبته هاهنا لوجودها. ومن رأى أن العلة جهل البكر الصغيرة بالأمور نفاه هاهنا، لمعرفة هذه الأمور؛ لكبر سنها.

وإذا كانت الثيوبة من زنًا، فالمذهب أيضاً عندنا على قولين فى تأثيرها فى رفع الجبر، فمن رأى أن الثيوبة من مجردها علة فى إسقاط الجبر أسقطه هاهنا. ومن رأى أنها تكون علة إذا انضاف إليها وصف آخر - وهو أن يكون بنكاح أو شبهة نكاح لم يسقط الجبر هاهنا.

والولاية على قسمين: عامة وخاصة.

فالعامة: ولاية الإسلام.

والخاصة: ولاية النسب أو ما حل محله كالوصى أو ما تشبه به كالولى الأعلى، أو ما أقاله الشرع نائباً عنه كالسلطان.

فولاية النسب أولى بالتقدمة من هذه الولايات المذكورة، إلا أن يكون وصّى من قبل الأب، ففى تقدمته فى البكر على أولياء النسب خلاف عندنا. وإنما دخل الولى لينفى عن نفسه المعرة أن تضع نفسها فى غير كفء.

والمشهور عندنا أن الكفاءة معتبرة بالدين دون النسب. وفى اعتبار اليسار من الزوج فى الموسرة، واعتبار الحرية الأصلية فى متزوج العربية اضطراب فى المذهب. وحديث فاطمة بنت قيس فى تزويجها أسامة، وضباعة فى تزويجها المقداد بن الأسود - ردّ على من يقول: إن النكاح يفسخ.

وقد حكى [أبو حامدٍ] (٢) عن ابن الماجشون من أصحابنا: أنها إذا تزوجت غير كفء فسخ النكاح وإن رضوا أجمعون، ولعله يريد: إذا تزوجت فاسد الدين، ممن يغلب


(١) أبو داود، ك النكاح، ب فى الثيب (٢٠٩٩) عن عبد الله بن الفضل.
(٢) فى هامش ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>