على الظن أنه يفسد دينها، فيصير ذلك حقًا لله سبحانه، فيفسخ حينئذ.
ولو تزوجت بغير ولى والزوجان يعتقدان إباحة ذلك أو يجهلان الحكم فيها، لم يكن فى ذلك حد. ولو كانا يعتقدان تحريم ذلك لم يكن فى ذلك حد أيضاً، إلا عند الصيرفى من أصحاب الشافعى فإنه [رأى](١) فيه الحد وطرد. وقوله: ألا يكون فيه صداق ولا يلحق فيه نسبٌ، وحجته قوله: الزانية التى تنكح نفسها. ويحتج بأن النبيذ يحد شاربه ولا يرفع عنه الحد وجود الخلاف فيه، ومجمل قوله: الزانية التى تنكح نفسها على المبالغة عندنا فى التشبيه وشدة الزجر، لقوله فى حديث آخر فيمن تزوجت بغير إذن وليها:" فإن أصابها فلها مهرها ".
وأما النبيذ فإنما لم يعتبر الخلاف فيه؛ لأن شاربه يحد وإن اعتقد تحليله، ولو اعتقد هذا تحليل النكاح بغير ولى ما حد، وقد قال بعض الناس: إنما حد شارب النبيذ وإن اعتقد تحليله؛ لأنها من مسائل الأصول التى لا يسوغ فيها طرق الاجتهاد المختلفة، وهذا عندى فيه نظر، وإثباتها من مسائل الأصول قد يعسر.
وقال أبو حامد: النكاح بغير ولى له أصلان: أحدها الزنا. والآخر: النكاح الصحيح. والنكاح بغير ولى وقع جنسه صحيحًا، وإنما فسد للإخلال ببعض شروطه، والنبيذ ليس له أصل محلل يُرَد إليه، ولا أصله الإباحة، فحرم للإخلال ببعض شروطه، فلهذا افترقا فى الحد عندهم.
قال القاضى: ناقض داود فى استعمال هذه الأحاديث أصله فى موضعين، فقضى بالمفسر منها على المجمل على طريق الكافة، وترك ظاهر اللفظ على مذهبه وليس من أصله، فخالف أبا حنيفة ومن قال بقوله فى البكر: أنها لا يعقد عليها إلا الولى، لعموم قوله:" لا نكاح الا بولى "، ووافقهم فى الثيب، لظاهر قوله:" هى أحق بنفسها من وليها "، وأصله فى مثل هذه الظواهر: إذا تعارضت طرحها، والرجوع إلى أستصحاب حال الأصل قبل ورود الشرع. فهذا موضع واحد ناقض فيه أصله.
والآخر: أن مذهبه: أن إحداث قول ثالثٍ فى مسألة الخلاف فيها على قولين خرق إجماع، وهو مذهب بعض أهل الأصول، وقوله هو - هذا فى التفريق بين البكر والثيب - فى اشراط الولى فى العقد، وكونه ركناً من أركان صحة العقد فى البكر دون الثيب قولٌ لم يقلهُ قبله غيره، وإنما الخلاف فى أن ذلك فى الجميع لازم أو غير لازم.
واتفقوا أن المراد بالولى فى هذا الحديث ذو الولاية الخاصة دون العامة.
ثم اختلف القائلون باشتراط الولى فى صحة عقد النكاح، أو استحبابه من هو؟ أهو ولى الديانة عمومًا أو ولى النسب وما فى معناه من الولاء والوصاء خصوصًا؟ ثم الرجوع