للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ: وَأَصَبْنَاهَا عَنْوَةً، وَجُمِعَ السَّبْىُ. فَجَاءَهُ دَحْيَةُ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَعْطِنى جَارِيَةً مِنَ السَّبْىِ. فَقَالَ: " اذْهَبْ فَخُذْ جَارِيَةً "، فَأَخَذَ صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ. فَجَاءَ إِلَى نَبِىِّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا نَبِىَّ اللهِ، أَعْطَيْتَ دَحْيَةَ، صَفِيَّةَ بِنْتَ حُيَىٍّ، سَيِّدِ قُرَيْظَةَ وَالنَّضِيرِ؟ مَا تَصْلُحُ إِلا لَكَ. قَالَ: " ادْعُوهُ بِهَا ". قَالَ: فَجَاءَ بِهَا، فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " خُذْ جَارِيَةً مِنَ السَّبِىِ غَيْرَهَا ". قَالَ: وَأَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا.

ــ

بها للنخيل، واحدها مَرْ ومِرٌ، بالفتح والكسر. قيل المرور: المساحى، واحدها مَرٌ بالفتح، وقيل: يقال لها: الحراب من اسمها، لجمعه حروفه، وقد يحمل أنه خبر على وجه الدعاء بخرابها، وسيأتى الكلام على ما فى بقية الحديث فى الجهاد.

قيل: وفيه سُنة التكبير عند الظهور، والفتوحات، ورؤية الهلال والإشراف على المدن؛ لأنه إعلام وثناء على الله، واعتراف بجلاله، وشكر له بجميل ذكره على ما أولاه من فضله.

وقوله: " وأصبناها عنوةً ": سيأتى الكلام فى حكم خيبر، وما كان منها عنوة وصلحاً، وأن جميعها لم يكن عنوةً، وحصن الوطيح وحصن السَّلالم منها صلح، وسنذكرهما وغيرهما فى موضعه.

وقوله لدحية حين سأله جارية من السبى: " اذهب فخذ [جارية] (١) فخذ صفية، وذكر استرجاع النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال الإمام: يحتمل عند ما جرى له مع دحية وجهين:

أحدهما: أن يكون ذلك برضا دحية وطيب نفسه، فيكون معاوضة جارية بجارية. فإن قيل: الواهب منهى عن شراء هبته، فكيف عاوضه هنا عما وهبه؟ قلنا: لم يهبه من مال نفسه فينهى عن الارتجاع، وإنما أعطاه من الله على جهة النظر، كما يعطى الإمام النفل لأحد أهل الجيش نظراً، فيكون ذلك خارجاً عن ارتجاع الهبة وشرائها، والتأويل.

الثانى: له أن يكون إنما قصد - عليه السلام - إعطاء جارية من حشو السبى ووخشه، فلما أطلع أن هذه من جياده، وأن ليس من المصلحة إعطاء مثلها لمثله، وقد يؤدى ذلك إلى المفسدة، استرجعها لأنها خلاف ما أعطى. لكن فى بعض طرق هذا الحديث قال: " وقعت فى سهم دحية جارية جميلةٌ فاشتراها رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بسبعة أرؤس ثم دفعها إلى أم سليم تصنعها وتهيئها، وهى صفية " ففى الرواية: أنه أخذها فى قسمة ولم يذكر الهبة، وفيها: أنه اشتراها منه. فعلى هذا يستغنى عن الاعتذار عن ارتجاع الهبة.

قال القاضى: قال بعضهم: فيه أن الإمام إذا أعطى ونفَّل ما لم يعلم مقداره أن له استرجاعه والتعويض منه، وليس له أخذه بغير عوض. وفيه بيع العبيد والحيوان كبيراً


(١) زائدة فى ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>