للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَقَالَ لَهُ ثَابِتٌ: يَا أَبَا حَمْزَةَ، مَا أَصْدَقَهَا؟ قَالَ: نَفْسَهَا، أَعْتَقَهَا وَتَزَوَّجَهَا. حَتَّى إِذَا كَانَ بِالطَّرِيقِ جَهَّزَتْهَا لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ، فَأَهْدَتْهَا لَهُ مِنَ اللَّيْلِ، فَأَصْبَحَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَرُوسًا. فَقَالَ: " مَنْ كَانَ عِنْدَهُ شَىْءٌ فَلْيَجِئْ بِهِ ". قَالَ: وَبَسَطَ نِطَعًا. قَالَ: فَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِالأَقِطِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِالتَّمْرِ، وَجَعَلَ الرَّجُلُ يَجِىءُ بِالسَّمْنِ. فَحَاسُوا حَيْسًا، فَكَاَنَتْ وَلِيمَةَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

٨٥ - (...) وحدّثنى أَبُو الرَّبِيعِ الزَّهْرَانِىُّ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ وَعَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ صُهَيْبٍ، عَنْ أَنَسٍ. ح وَحَدَّثَنَاهُ قُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا حَمَّادٌ - يَعْنِى ابْنَ زَيْدٍ - عَنْ ثَابِتٍ وَشُعَيْبِ بْنِ حَبْحَابٍ، عَنْ أَنَسٍ. ح وَحَدثنَاً قُتَيْبَةُ، حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ،

ــ

النكاح قبل عتقها فذلك لا يصح؛ إذ لا ملك لها فى نفسها حينئذ، ولا يصح - أيضاً - عقد الانسان نكاحه من أمته. وإن قدر أنها عقدت بعد عتقها فلم يقع منها بعد ذلك رضاً تطالب به، وإن كان يقدر قبل عتقها بشرط أن تعتق فقد عقدت الشىء قبل وجوبه، والتزامها فى هذا وجوب الشىء عليها قبل أن يجب لها لا يلزمها على الطريقة المعروفة عندنا.

وأما حجة الشافعى: فإنه يقول: إنها عتق بعوض، فإذا بطل العوض فى الشرع رجع فى سلعته أو فى قيمتها إن لم يمكن الرجوع فيها، وهذه لا يمكن الرجوع فيها. فإن تزوجته بالقيمة الواجبة له عليها صح ذلك عنده.

قال القاضى: وأيضاً فإن قوله: " وجعل عتقها صداقها ": إنما هو من قول أنسٍ، لم يسنده، فلعله تأويل منه إن لم يُسم لها صداق - والله أعلم. وبقول مالك فى هذا قال أبو حنيفة ومحمد بن الحسن وزفر، وبإجازة ذلك قال الثورى وإسحاق وأحمد والأوزاعى وأبو يوسف، ويروى عن ابن المسيب والحسن والنخعى والزهرى. وقيل: معنى " جعل عتقها صداقها ": أى لم يجعل لها صداقاً كالموهوبة المخصوصة له.

وقوله: " دفعها إلى أم سليم تصنعها له وتهيئها ": أى تزينها وتصلحها. فيه جواز مثل هذا ما لم يكن بالوجه المنهى عنه؛ من الوصل والوشم وشبهه.

وقوله: " حتى إذا كان الطريق جهزتها له أم سليم، وأهدتها له من الليل ": فيه الابتناء بالليل فى السفر، وجواز إقامة الإمام فى حاجته بالجيش ما لم يضر لهم؛ لأنه قد روى أنه أقام عليه ثلاثاً، خرجهُ البخارى (١) وأن الثلاث فى حُكم السفر ليست بإقامة، وهذا يؤكد حق الزوج الثيب فى الثلاث.


(١) البخارى، ك النكاح، ب البناء فى السفر، عن أنس.

<<  <  ج: ص:  >  >>