للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ لِى رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " يَا أَنَسُ، هَاتِ التَّوْرَ ". قَالَ: فَدَخَلُوا حَتَّى امْتَلأَتِ الصُفَّةُ وَالْحُجْرَةُ. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لِيَتَحَلَّقْ عَشَرَةٌ عَشَرَةٌ، وَلْيَأكُل كُلُّ إِنْسَانٍ مِمَّا يَليه ". قَالَ: فَأَكَلُوا حَتَّى شَبِعُوا. قَالَ: فَخَرَجَتْ طَائِفَةٌ وَدَخَلَتْ طَائِفَةٌ حَتَّى أَكَلُوا كُلهُمْ. فَقَاَلَ لِى: " يَا أَنَسُ، ارْفَعْ ". قَالَ: فَرَفَعْتُ، فَمَا أَدْرِى حِينَ وَضَعْتُ كَانَ أَكْثَرَ أَمْ حِينَ رَفَعْتُ. قَالَ: وَجَلَسَ طَوَائِفُ مِنْهمْ يَتَحَدَّثُونَ فِى بَيْتِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، جَالِسٌ، وَزَوْجَتُهُ مُوَلِّيَةٌ وَجْهَهَا إِلَى الْحَائِطِ. فَثَقُلُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَرَجَ رَسُولُ اللهَ فَسَلَّمَ عَلَى نِسَائِهِ، ثُمَّ رَجَعَ. فَلَمَّا رَأَوْا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ رَجَعَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ ثَقُلُوا عَلَيْهِ. قَالَ: فَاَبْتَدَرُوا الْبَابَ فَخَرجُوا كُلُّهُمْ، وَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَرْخَى السِّتْرَ وَدَخَلَ، وَأَنَا جَالِسٌ فِى الْحُجْرَةِ، فَلَمْ يَلْبَثْ إلا يَسِيرًا حَتَّى خَرَجَ عَلَىَّ، وَأُنْزِلَتْ هَذِهِ الآيَةُ. فَخَرَجَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَرَأَهُنَّ عَلَى النَّاسِ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلا مُسْتَئْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِي} إِلَى آخِرِ الآيَةِ.

قَالَ الْجَعْدُ: قَالَ أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ: أَنَا أَحْدَثُ النَّاسِ عَهْدًا بِهَذِهِ الآيَاتِ، وَحُجِبْنَ نِسَاءُ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

٩٥ - (...) وحدّثنى مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، حَدَّثَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ أَبِى عُثْمَانَ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: لَمَّا تَزَوَّجَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ زَيْنَبَ أَهْدَتْ لَهُ أُمُّ سُلَيْمٍ حَيْسًا فِى تَوْرٍ مِنْ حِجَارَةٍ. فَقَالَ أَنَسٌ: فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " اذْهَبْ فَادْعُ لِى مَنْ لَقِيتَ مِنَ المُسْلِمِينَ "؟ فَدَعَوْتُ لَهُ مَنْ لَقِيتُ، فَجَعَلُوا يَدْخُلُونَ عَلَيْهِ فَيَأكُلُونَ وَيَخْرُجُونَ. وَوَضَعَ النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَدَهُ عَلَى الطَّعَام فَدَعَا فِيهِ. وَقَالَ فِيهِ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَقُولَ. وَلَمْ أَدَعْ أَحَدًا لَقِيتُهُ إِلا دَعَوْتُهُ، فَأَكَلُوا

ــ

وقول أنس: " فصَنَعْت أُمى أم سليم حيسًا فجعلته فى تورٍ "، وذكرت توجيهها إياه به إلى النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، التور: آنية من حجارةٍ كالقدح مذكر، قيل: هو عَربى، وقيل: دخيل. فيه إهداء الطعام للعروس، وهو مما يستحب لشغلهم بالعرس، كما يستحب بالجنائز لشغلهم بالميت. وفيه دعاء العروس إخوانه لأداء ما يُهدى له من ذلك مما فيه فضل عن حاجته وحاجة أهله. وهذا الحيس قد كان فيه من البركة ما أكل منه زهاء ثلاثمائة، كما جاء فى الحديث. وفيه أن من آيات النبوة تكثير القليل.

قال الإمام: " زهاء ثلاثمائة ": أى مقدارها. وزهاء، ونُهاء، ولهاء بمعنى واحد.

<<  <  ج: ص:  >  >>