للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١٢ - (...) حدّثنى أَبُو الطَّاهِرِ وَحَرْمَلَةُ بْنُ يَحْيَى - وَاللَّفْظُ لِحَرْمَلَةَ - قَالَ أَبُو الطَّاهِر: حَدَّثَنَا، وَقَالَ حَرْمَلَةُ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ - أَخْبَرَنِى يُوُنسُ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، حَدَّثَنِى عُرْوَةُ بنُ الزُّبَيْرِ؛ أَنَّ عَائِشَةَ زَوْجَ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَخْبَرَتْهُ؛ أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِىَّ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فبَتَّ طَلاقَهَا، فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَجَاءَتِ النَّبِىَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهَا كَانتْ تَحْتَ رِفَاعَةَ، فَطَلَقَّهَا آخِرَ ثَلاثِ تَطْلِيقَاتٍ، فَتَزَوَّجْتُ بَعْدَهُ عَبْدَ الرَّحْمَنِ

ــ

العقد حقيقة حتى يصح دخوله فى ظاهر الآية، كان هذا الحديث مخصصاً لها مبيناً للمراد بها فيرجع إليه] (١).

وقوله: " حتى تذوقى عسيلته ": تنبيهٌ على وجود اللذة، وكنى عنها بالعسل. ولعل توحيده هاهنا بقوله: "عسيلته " إشارة إلى الفعلة الواحدة والوقاع الواحد؛ لئلا يظن أنها لا تحل إلا بوطء متكرر، وقد قال بعض أهل العلم: أنه لو وطئها وهى نائمةٌ لم تحل بهذا الوطء؛ لأنها لم تذق العسيلة، وقد شرط فى الحديث ذوق الزوجين جميعاً لذلك.

واختلف عندنا، هل تحل بالوطء الفاسد فى عقد نكاح صحيح؟ فقيل: تحل لأنه يسمى نكاحاً، ولوجود اللذة به المنبه عليها فى الحديث. وقيل: لا تحل؛ لأن محمل ظواهر الشرع وألفاظه على ما يصح فى الشرع دون ما لا يصح.

قال القاضى: قال بعض العلماء: ما أظن سعيد بن المسيب بلغه الحديث فأخد بظاهر القرآن وشذ فى ذلك، ولم يقل أحد بقوله من العلماء إلا طائفة من الخوارج. كما شذ الحسن فى قوله: لا يحلها إلا بوطء فيه إنزال، التفات إلى معنى العسيلة، وقال: هو الإنزال، وفى شكوى المرأة زوجها الذى معه كالهدبة. وجاء فى غير مسلم: " مالى إليه من ذنب إلا أن ما معه ليس بأغنى عنى من هذه، وأخذت هدبة من ثوبها، فقال: كذبت، والله إنى لأنفضها نفض الأديم " وذكره البخارى (٢).

وقول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لها: " أتريدين أن ترجعى إلى رفاعة " يعنى زوجها الأول: دليل على التطليق بعدم الجماع، وأنه من. حقوق الزوجة، وهو قول كافة العلماء، ونضرب فى ذلك عندهم سنة يؤجل فيها للاختبار، وهذا ما لم يكن مجبوباً، أو من لا يرجى منه الوطء جملةً لعدم آلة ذلك عنده، فهذا يطلق عليه ولا يؤجل، وقال بعض السلف: عشرة أشهر. وخالف داود الكافة ورأى أنه لا يطلق عليه بالعنَّة ولا يؤجل، ولم يقل به أحد من السلف إلا ابن علية والحكم قالوا: والإجماع يرد قولهم، وحجتهم: ظاهر الحديث، فإن النبى


(١) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.
(٢) البخارى، ك اللباس، ب ثياب الخضر ٧/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>