للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لأَشْهَدَنَّ لَكَ، وَلَئِنْ شُفَعْتُ لأَشْفَعَنَ لَكَ، وَلئِنْ اسْتَطعْتُ لأَنْفَعَنَّكَ. ثُمَّ قَالَ: وَاللهِ، مَا مِنْ حَدِيثٍ سَمعْتُهُ منْ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَكُمْ فِيهِ خَيْرٌ إِلَّا حَدَّثْتكُمُوهُ، إِلا حَدِيثاً وَاحِداً، وَسَوْفَ أُحَدِّثُكُمُوهُ الْيَوْم، وَقَدْ أحِيطَ بِنَفْسِى، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: " مَنْ شَهِدَ أَنْ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ، وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، حَرمَ اللهُ عَلَيْهِ النَّارَ ".

٤٨ - (٣٠) حدّثنا هَدَّابُ بْنُ خَالِد الأَزْدِىُّ، حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، حَدَّثَنَا قَتَادَةُ، حَدَّثَنَا أَنَسُ ابْنُ مَالِكٍ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ؛ قَالَ: كُنْتُ رِدْفَ النَّبِىّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لَيْسَ بَيْنِى وَبَيْنَهُ إِلَّا مُؤْخِرَةُ

ــ

نهى عن البكاء؛ لأن النهى إنما وقع بعد الوجوب والموت، وفى بكاء بصفة مخصوصة تأتى مُفسرةً إن شاء الله فى الجنائز.

وقوله: " ما من حديث لكم فيه خير إلا حدثتكموه ": دليل على أنه كتم ما خشى عليهم المضى فيه والفتنة مما لا يحتمله كل أحدٍ، وذلك فيما ليس بحجة عملٍ، ولا فيه حدٌّ من حدود الشريعة، ومثل هذا عن الصحابة كثير من ترك الحديث مما ليس بحجة عمل ولا تدعو إليه ضرورة، أو لا تحمله عقول الكافة، أو خشيت مضرته على قائله أو سامعه، لا سيما مما تعلق بأخبار المنافقين، والإمارة وتعيين أقوام وصفوا بأوصاف غير مستحسنة وذم آخرين ولعنهم (١).

وقوله: فى حديث معاذ: " كنت ردف رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ": رويناه بإسكان الدال وكسر الراء وبفتح الراء وكسر الدال عند الطبرى، وفى الحديث الآخر رديف- بزيادة ياء. والردف والرديف هو الراكب خلف الراكب، يقال منه: ردِفتُه أردفه، وبكسر الدال فى


(١) من ذلك ما أخرجه أحمد فى المسند عن أبى هريرة رضى الله عنه: قال: قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " تعوَّذوا بالله من رأس السبعين، ومن إمارة الصبيان "، وقال: " لا تذهب الدنيا حتى تصير مع لكع بن لكع ". أحمد فى المسند ٢/ ٣٢٦، وقال الحافظ: الحديث صحيح.
قلت: وقد كاد أبو هريرة بذلك ملغزاً؛ إذ رأس السبعين كانت فيها إمرة يزيد بن معاوية.
وما أخرجه الشيخان وغيرهما واللفظ لمسلم عن عائشة قالت: سألت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عن الجَدْر -حجر الكعبة- أمن البيت هُوَ؟ قال: " نعم ". قلت: فَلِم لم يُدْخلوه فى البيت؟ قال: " إِنَّ قومَكِ قصَرَتْ بِهِمُ النفقةُ ". قلت: فما شأن بابه مُرْتفعاً؟ قال: " فَعَلَ ذَلِكَ قومُكِ ليُدْخِلُوا من شاؤوا ويمنعُوا من شاؤوا، ولولا أنَّ قَومَكِ حديثٌ عهدُهم فى الجاهلية فأخافُ أن تُنكِرَ قلوبُهم لنَظَرْتُ أَن أُدخِلَ الْجَدْرَ فى البيتِ، وأن ألزق بابه بالأرض ". البخارى، ك الأحكام، ب ما يجوز من الَّلو ٩/ ١٠٦، مسلم، ك الحج، ب جَدْر الكعبة وبابها ٢/ ٩٧٣، أحمد فى المسند ٦/ ١٨٠، النسائى، ك الحج، ب بناء الكعبة، البيهقى فى السنن الكبرى ٥/ ٨٩.
وفى مثل هذا يرد قوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فيما أخرجه ابن عساكر عن ابن عباس -رضى الله عنهما-: " ما أنت محدث حديثاً لا تبلغه عقولهم إلا كان على بعضهم فتنة ". كنز ١٠/ ١٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>