للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

أصحاب أبى حنيفة ويعسر عليهم الانفصال عما قاله الشافعى؛ لما قررناه من أن ولداً سابقاً لم يكن والوطء لا يعتبرونه، فلم يبق لهم إلا تسليم ما قاله [الشافعى] (١) لما ضاقت عليهم الحيل فى هذا الحديث لما قررناه.

قال بعضهم: فإن الرواية فى هذا الحديث: " هو لك عبد "، وأسقط حرف النداء الذى هو " يا "، قالوا: وإنما أراد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن الولد لا يلحق بزمعة، وأنه ابن أمته و " عبد " هو وارثه، فيرث هذا الولد وأمه. وهذه الرواية التى ذكروها غير صحيحة ولو صحت لرددناها إلى الرواية المشهورة وقلنا: ليس الأمر كما فهمتم، وإنما يكون المراد: يا عبد، فحذف حرف النداء كما قال تعالى: {يُوسُفُ أَعْرِضْ عَنْ هَذَا} (٢) فحذف حرف النداء، ولأجل الاشتراك وقع عليهم الغلط، هل المراد عبد بمعنى: قن؟، أو المراد عبد اسم لهذا الرجل منادى بحذف حرف النداء؟

وكذلك دعواهم فى بعض الطرق: أنه لما أمر سودة بالاحتجاب، قال: " ليس بأخ لك " رواية لا تصح وزيادة لا تثبت. فإن قيل: لو لم تكن ثابتة لما أمرها بالاحتجاب. قيل: ذلك على جهة الاحتياط، لما رأى الشبه بعتبة، وقد جعله بعض أصحابنا أصلاً فى الحكم بالشىء بحكم واحد بين الحكمين لأنه ألحقه بزمعة، وذلك يقتضى ألا يكون تحتجب سودة منه، وأمر سودة بالاحتجاب، وذلك يقتضى ألا يكون ولداً لزمعة ولا أخاً لسودة، ولكنه قضى فى الالحاق لحكم الفراش وقضى فى الاحتجاب بحكم الاحتياط.

وقد كان عارض من أصحابنا الشافعى فيما عول عليه بأن سودة بنت زمعة، فلم يثبت استلحاق عبد لهذا الولد دونها، والولد إنما يستلحق إذا استلحقه جميع الورثة، وعبد ليس لجميع الورثة. وانفصلت الشافعية عن هذا بأن زمعة مات كافراً وسودة مسلمة لم ترثه، فصارت كالعدم. فانحصر الأمر إلى [ولد و] (٣) عبد، فصار كأنه جميع الورثة، وأجاب أصحابنا بأنها ابنته، وإنما منعت ميراثه لاختلاف الدينين، فكان الواجب اعتبار رضاها بهذا النسب، وألا تلحق عليها أخوها ما لم ترضه. وقد سلم ابن القصار عنا أنا نقول: إن جميع الورثة إذا اعترفوا بإلحاق النسب بالميت وإن لم يكونوا عدولاً، وزعم أن ذلك مذهبنا. قال: والقياس خلافه. وهذا عندى وهم منه على المذهب، وإنما هذا مذهب الشافعى كما قدمناه عنه.

ورأى الشافعى أن الورثة إذا أجمعوا حلوا محل الميت، وإذا اختلفوا لم يصح أن يحلوا محل الميت، مع اختلافهم. ولعل ابن القصار رأى شيئاً فى المذهب تأول منه على المذهب هذا الذى ذكرناه عنه.


(١) ساقطة من الأصل، واستدركت بالهامش بسهم.
(٢) يوسف: ٢٩.
(٣) ساقطة من الأصل، واستدركت فى الهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>