للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

ــ

وقد قال بعض أصحابنا فى الرد على الشافعى: لو كان جميع الورثة إذا أجمعوا على إلحاق نسب بالميت لحق به وحلوا محل الميت، للزم إذا أجمعوا على نفى حمل أمة وطئها أن ينتفى عن الميت حملها، ويحلون محل الميت فى ذلك كما حلوا فى استلحاق النسب، فيجب أن يحلوا محله فى نفى النسب، وهذا لا يلزمه لأن هذا الحمل أحد الورثة ومن أصله [مراعاة] (١) إجماع جميع الورثة، فإِجماعهم فى استلحاق يمكن، وفى هذا النفى يستحيل، فلهذا افترقا.

وقد تعلق بهذه المسألة التى نحن فيها اعتراف بعض الورثة بوارث؛ مثل أن يعترف أحد الأخوين بأخ ثالث، وهذه مسألة اختلاف أيضاً. فعندنا أن المقر يعطيه ما فضل فى يده، مما لو قسمت التركة على الجميع لاستحقه هذا المقر له من يد هذا المقر، وقال بعض أصحابنا: بل يساويه فيما فى يده وتقدر ما أخذ سائر الورثة كأنه لم يكن، وكانّ الجائحة فيه على المقر والمقر له متساوية لتساويهما فى النسب، ولا معنى لتفضيل أحدهما على الآخر، وكأنه فى القول المشهور الذى قدمناه رأى أن الجائحة لا يختص بها هذان الوارثان، وكان المقر إنما اعترف له بالفاضل خاصة فلا يزداد عليه.

وذهب بعض الناس إلى طريقة ثالثة وهى: أن هذه الفضلة التى قالها الأولون لا يختص بها المقر له بل يأخذ لها نصفها، ويأخذ بقية الورثة النصف الآخر. ووجه هذا عندى أن المقر تضمن إقراره شيئين: أحدهما: أن الفضلة لا يستحقها فى نفسه، والثانى: أن مستحقها هذا المقر له، فيقول له بقية الورثة: أنت إذا اعترفت بأنك لا تستحقها عادت على ملك ميتنا، وإذا عادت على ملك ميتنا وجب أن ترثها ورثته، ونحن ورثته، ونحن نستحقها، أو يقول المقر له: بل أنا المستحق لها لاعتراف من سلمتموها له أنها لى دونكم، ولو لم يعترف لم يكن لكم طريق إليها، فيصير ذلك كما لو يتداعاه رجلان، فيقسم بينهما نصفين.

وذهب الشافعى إلى أن المقر له لا يستحق شيئاً، ووجه هذا: أن نسبه لم يثبت، والميراث إنما يكون ثابتاً بعد ثبوت النسب وهو فرع عنه، وإذا سقط الأصل سقط فرعه، وما أبنى عليه. وهذا يضارع طريقة أشهب عندنا إذا شهد له شاهد بالنسب أنه لا يأخذ المال، قال: لأن المال وإن قضى فيه بالشاهد الواحد فالنسب لا يقضى فيه بالواحد، والمال فرع عن النسب، وإذا لم يثبت الأصل لم يثبت الفرع، وإنما أردنا بما ذكرناه عن أشهب التنبيه على تناسب الطريقين لا إلزامه أن يقول بمذهب واحد فى المسألتين.

وفى قوله فى الحديث: إنه أمرها بالاحتجاب لشبهه بعتبة، دلالة على القضاء بالاشتباه وتقوية القول بالقافة.


(١) ساقطة من الأصل، والمثبت من ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>