للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

" فَخَلِّهمْ ".

٥٣ - (٣٢) حدّثنا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ، أَخْبَرَنَا مُعَاذُ بْنُ هِشَامٍ، قَالَ: حَدَّثَنِى أَبِى، عَنْ قَتَادَةَ قَالَ: حَدَّثَنَا أَنَسُ بْنُ مَالِكٍ؛ أَنَّ نَبِىَّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ رَدِيفُهُ عَلَى الرَّحْلِ، قَالَ: " يَا مُعَاذُ " قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: " يَا مُعَاذُ " قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللهِ وَسَعْدَيْكَ. قَالَ: " يَا مُعَاذُ ". قَالَ: لَبَّيْكَ رَسُولَ الله وسَعْدَيْكَ - قال: " مَا مِنْ عَبْدٍ يَشْهَدُ أَنْ لا إِلهَ إِلا اللهُ، وأَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، إِلَّا حَرَمَّهُ اللهُ عَلَى النَّارِ ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ،

ــ

ومن وزرائه وخاصته، وعرض النصائح له وإن لم يستشرهم، وفيه توقيف [أمثال] (١) هؤلاء لما لم ينْفَذْ بعد من أوامره حتى يعرضوا عليه ما ظهر لهم ورأوه فى ذلك من رأى، ورجوع الإمام إلى ما رآه من الصواب فى ذلك، وأن النبى -عليه السلام- فى أمور الدنيا كان يأخذ باجتهاده ويرجع عن رأيه فيها أحياناً إلى رأى غيره (٢) كما فعل فى تلقيح النخل (٣)، وفى النزول ببدر (٤) وفيما هم به من مصالحة [الأحزاب] (٥)، ولا خلاف فى ذلك. واختلف العلماء هل كان يجتهد برأيه فى الشرعيات فيما لم تنزل عليه فيه شىء أم لا؟ وهل هو معصوم فى اجتهاده أو هو كسائر المجتهدين؟ والصواب جواز الاجتهاد له ووقوعه منه، وعصمته فيه على كل حال، وقد قال تعالى: {إِنَّا أنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ} (٦)، ودَلَّت الآثار الصحيحة على اجتهاده فى نوازل، وحكمه فيها برأيه كقصة أسرى بدر (٧)، وأما كونه أبداً مصيباً فى اجتهاده فى ذلك -على القول بأن كل مجتهد مصيب- الذى هو الحق والصواب، أو على المذهب الآخر (٨)، فإن اجتهاده أصلٌ من أصول الحق، وركن من أركان الشريعة الذى يجتهد المجتهدون فى الاستنباط منها والقياس عليها، ويكون خطؤهم وصوابهم بقدر توفيقهم إلى فهمها ومعرفتهم بمراده -عليه السلام- فيها، فكيف يتصور الخطأ عليه فى ذلك ومخالفة الصواب، وإنما ألحق والصواب ما فعله، وإنما الشرع ما أجتهد فيه، وقد تقصَّينا هذا الباب فى القسم الرابع من كتاب الشفا (٩).


(١) ساقطة من الأصل.
(٢) فى ت: عمر.
(٣) يعنى بذلك ما أخرجه مسلم فى كتاب الفضائل ٤/ ١٨٣٥ عن موسى بن طلحة عن أبيه بشأن النهى عن التلقيح ثم الرجوع فى رأيه.
(٤) يشير إلى ما رواه ابن إسحاق ١/ ٦٢٠ فى شأن مشورة الحباب على رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ببدر.
(٥) ساقطة من ق. والذى همَّ به صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فى مصالحته للأحزاب ثم عاد عن رأيه بعد أن شاور السعديْن، أخرجه أيضاً ابن إسحاق فى السيرة ٢/ ٢٢٣.
(٦) النساء: ١٠٦.
(٧) وذلك فى مشاورته صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أصحابه فيهم واختياره صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رأى أبى بكر -رضى الله عنه.
(٨) وهو أن المصيب واحدٌ.
(٩) قلت: بل هو فى القسم الثالث بالباب الأول ٢/ ٧٤٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>