وفيه من الفقه: قول الرجل للآخر: بأبى أنت وأمى، وقد كرهه بعض السلف وقال: لا يُفدَّى بمسلم، والأحاديث الصحيحة تدل على جوازه، كان المفدى بهما مسلمين أو غير ذلك، كانا حيين أو ميتين. وفيه جواز قول الرجل للرجل فى الجواب عند دعائه له لبيك وسعديك، ومعنى لبَّيك: إجابة لك بعد إجابة، وقيل: لزوماً لطاعته وطوعاً بعد لزوم، وسعديك: أى إسعاداً لك بعد إسعادٍ. وقيل: لبيك مداومة على طاعتك، وسعديك: أى مساعدة أوليائِك عليها.
وقال سيبويه: معناه: قرباً منك ومتابعة لك، من ألب فلان على كذا إذا داوم عليه ولم يفارقه، وأسعد فلان فلاناً على أمره وساعده، قال: وإذا استعمل فى حق الله تعالى فمعناه: لا أنأى عنك فى شىء تأمرنى به وأنا متابع أمرك وإرادتك.
وقوله فى حديث ابن الدُخْشُم: " أليس يشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله؟ " فقالوا: [إنه](١) يقول ذلك وما هو فى قلبه فقال صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا يشهد أحد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله فيدخل النار " [الحديث](٢)، قال الإمام: إن احتجت به الغلاة من المرجئة فى أن الشهادتين تنفع وإن لم تُعتَقدُ بالقلب، قيل لهم: معناه: أنه لم [يصح](٣) عند النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ما حكوا عنه من أن ذلك ليس فى قلبه، والحجة فى قول النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهو لم يقل ذلك ولم يشهد به عليه.