للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥٢ - (...) حدَّثنا مُحَمَّدُ بْنُ رَافِعٍ وَعَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، جَمِيعًا عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. وَزَادَ: قَالَ عَطَاءٌ: كَانَتْ آخِرَهُنَّ مَوْتًا؛ مَاتَتْ بِالْمَدِينَةِ.

ــ

النفس إلى ما فى أيدى رجال أمته، ولم يتسع أولاً حاله لاقتناء الإماء ليستكثر منهن، فوسع عليه فى الحرائر، واختير له أفضل النوعين. ولهذا قال بعض السلف: إنه لم يكن يجوز له - عليه السلام - نكاح حرائر الذميات بخلاف أمته، قال غيره: لئلا تكون كافرة أماً للمسلمين. قال الخطابى: ولأنه - عليه السلام - حض على النكاح، ونهى عن التبتل، فكان - عليه السلام - أولاهم باستيفاء ما دعى إليه، والاستكثار فيه، ليفتدى به الإماء، إلا ما خص به من ذلك.

وقول عطاء: التى لا يقسم لها صفية بنت حيى، كذا جاء فى هذا الحديث. قال الطحاوى: وهو وهم، وصوابه: سودة كما تقدم، فى الأحاديث المتقدمة إذ وهبت يومها لعائشة، وإنما غلط فيه ابن جريج، وهو راوى هذا الحديث عن عطاء.

قال القاضى: قد ذكر غيره فى قوله تعالى: {تُرْجِي مَن تَشَاءُ مِنْهُنَّ} الآية (١): كان ممن آوى إليه عائشة وأم سلمة وزينب وحفصة وكان قسمه من نفسه وماله فيهن بالسواء. وكان ممن أرجأ سودة وجويرة وصفية وأم حبيبة وميمونة، فكان يقسم لهن ما شاء، فهذا يدل أن القسم فى حقه - عليه السلام - غير واجب، ولعل رواية ابن جريج هنا صحيحة، وأخبر عن آخر أمره - عليه السلام - وأنه توفى وقد آوى جميعهن إلا صفية، فأرجأها ولم يقسم لها، إذ كان قد جعل الله له أن يؤوى إليه من يشاء ويرجى من يشاء.

وقوله: " قال عطاء: كانت آخرهن موتاً، ماتت بالمدينة ": ظاهره أنه أراد ميمونة المذكورة وَفَاتُهَا، وقد ذكر أول الحديث أنها توفيت بسرف، وسرف عنى ستة أميال من مكة، وقيل: سبعة، وقيل: تسعة، وقيل: اثنا عشر ميلاً. ولا خلاف أن ميمونة توفيت بسرف، فقوله: " بالمدينة " على هذا وهم. وهى آخرهن موتاً، فقيل: إنها ماتت سنة ثلاث وستين، وقيل: سنة ست وستين، وقد قيل: إنها توفيت سنة إحدى وخمسين قبل عائشة، فإن عائشة توفيت بعد هذا سنة سبع، وقيل ثمان وخمسين، وأما صفية فتوفيت سنة خمسين، وزينب توفيت آخر أيام عمر بن الخطاب.


(١) الأحزاب: ٥١.

<<  <  ج: ص:  >  >>