للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يَعْبُدُونَ اللهَ. فَاسْتَوَى جَالِسًا ثُمَّ قَالَ: " أَفِى شَكٍّ أَنْتَ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ؟ أُولَئِكَ قَوْمٌ عُجلَتْ لَهُمْ طَيِّبَاتُهُمْ فِى الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ". فَقُلْتُ: اسْتَغْفِرْ لِى يَا رَسُولَ اللهِ. وَكَانَ أَقْسَمَ أَلا يَدْخُلَ عَلَيْهِنَّ شَهْرًا مِنْ شِدَّةِ مَوْجِدَتِهِ عَلَيْهِنَّ، حَتَّى عَاتَبَهُ اللهُ - عَزَّ وَجَلَّ.

٣٥ - (١٤٧٥) قَالَ الزُّهْرِىُّ: فَأَخْبَرَنِى عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ، قَالَتْ: لَمَّا مَضَى تِسْعٌ وَعِشْرُونَ لَيْلَةً، دَخَلَ عَلَىَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَدَأَ بِى. فَقُلْتُ. يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّكَ أَقْسَمْتَ أَلا تَدْخُلَ عَلَيْنَا شَهْرًا، وَإِنَّكَ دَخَلْتَ مِنْ تِسْعٍ وَعِشْرِينَ. أَعُدُّهُنَّ. فَقَالَ: " إِنَّ الشَّهْرَ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " ثُمَّ قَالَ: " يَا عَائِشَةُ إِنِّى ذَاكِرٌ لَكِ أَمْرًا، فَلا عَلِيْكِ أَلا تَعْجَلِى فِيهِ حَتَّى تَسْتَأمِرِى أَبوَيْكِ ". ثُمَّ قَرَأَ عَلَىَّ الآيَةَ: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لأَزْوَاجِك} حَتَّى بَلَغَ: {أَجْرًا

ــ

وهذا حجة عليه، وقد نبه عليه البخارى وترجم به (١)، ورجح حديث عمر. وفيه جواز القسم على مثل هذا، وقد قال تعالى: {وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُن} (٢) الآية. وقد اختلفت فى معنى قوله تعالى هذا، فقيل: هجرانها فى المضجع أن ينام معها ولا يجامعها، وقيل: ينام معها فيه ويوليها ظهره ولا يكلمها، وقيل: يهجرها بلسانه ويغلظ لها بالقول ولا يدع جماعها.

وفى قول عمر: " رغم أنف حفصة ": جواز قول مثل هذا وقاله عمر بن عبد العزيز وابن حبيب، وقد كرهه مالك، ومعناه: ذل أنفها ولصق بالتراب، وهو الرغام، من الذلة.

وفيه قوله: " إن كانت جارتك " يريد: ضرتك، وكانوا يكرهون تسميتها ضرّة لما فى لفظه من الضر.

وقوله: " أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم فى الدنيا ": يحتج به من يفضل الفقر على الغنى، لما فى مفهوم هذا أن بمقدار ما يتعجل من طيبات الدنيا يفوته من الآخرة ما كان يدخر له لو لم يستعجله، وقد يتأوله الآخرون بأن المراد أن حظ هؤلاء من النعيم ما نالوه فى الدنيا، ولا حظ لهم فى الآخرة لكفرهم.

قال الإمام: ذكر مسلم فى هذا الباب: حدثنا عن سفيان بن عيينة [أبو عبد الله] (٣)، قال البخارى: ولا يصح ابن حنين وهو مولى العباس هكذا يقول ابن عيينة، قال البخارى: ولا يصح قوله، وقال مالك: مولى آل زيد بن الخطاب، وقال محمد بن جعفر


(١) البخارى، ك النكاح، ب هجرة النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نساءه فى غير بيوتهن. الفتح (٥٢٠٢).
(٢) النساء: ٣٤.
(٣) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>