للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَظِيمًا (١). قَالَتْ عَائِشَةُ: قَدْ عَلِمَ - وَاللهِ - أَنَّ أَبَوَىَّ لَمْ يَكُونَا لِيأمُرَانِى بِفِرَاقِهِ. قَالَتْ: فَقُلْتُ: أَوَفِى هَذَا أَسْتَأمِرُ أَبوَىَّ؟ فَإِنَّى أُرِيدُ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالدَّارَ الآخِرَةَ.

قَالَ مَعْمَرٌ: فَأَخْبَرَنِى أَيُّوبُ؛ أَنَّ عَائِشَةَ قَالَتْ: لا تُخْبِرْ نِسَاءَكَ أَنِّى اخْتَرْتُكَ. فَقَالَ لَهَا النَّبِىُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " إِنَّ اللهَ أَرْسَلَنِى مُبَلِّغًا وَلَمْ يُرْسِلْنِى مُتَعَنِّتًا ".

قَالَ قَتَادَةُ: {صَغَتْ قُلُوبُكُمَا} (٢): مَالَتْ قُلُوبُكُمَا.

ــ

ابن أبى كثير: مولى بنى زريق.

قال القاضى: الصحيح عندهم قول مالك، وحديثه عند أهل المدينة.

وذكر فى الحديث: أنه آلى من نسائه شهراً. الإيلاء: الحلف، وأصله: الامتناع من فعل الشىء. آلى إيلاء، وتَأَلَّى تألّياً وائتلى ائتلاء، وصار فى عرف الفقهاء مختصاً بالحلف على الاعتزال من جماع الزوجات إلا ما حكى عن ابن سيرين من أنه محمول على كل حلف عليهن، من جماع أو كلام أو إنفاق.

ولا خلاف بين العلماء، أن مجرد الإيلاء، لا يوجب فى حينه طلاقاً ولا حكماً. واختلفوا، هل له تقدير ومدة به يجب حكمه الذى نص عليه بقوله: {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِن نِّسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُر} (٣) الآية أم لا؟ مذهب علماء الحجاز والمدنيين وجمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم: إلى أن ذلك لمن حلف على أكثر من أربعة أشهر، فمن حلف على أربعة فأقل، فليس بمولٍ. وذهب الكوفيون إلى أن ذلك لمن حلف على أربعة أشهر فأكثر، لا على أقل.

وشذ ابن أبى ليلى وابن شبرمة والحسن فى آخرين منهم، فقال: إن حلف على ألّا يجامعها يوماً أو أقل، ثم تركها حتى مضت أربعة أشهر فهو مولٍ تعلقاً بظاهر الآية.

وروى عن ابن عمر عكس هذا، أن كل من وقت ليمينه وقتاً وضرب مدة وإن طالت، فليس بمول، وإنما المولى من حلف [على] (٤) الأبد. ولا خلاف بينهم أنه لا يقع عليه طلاق قبل الأربعة أشهر، ولا خلاف أنه إن أحنث نفسه قبل تمامها، أن الإيلاء ساقط عنه. ثم اختلفوا اختلافاً آخر: هل بانقضاء الأربعة الأشهر يقع الطلاق؟ وهو قول الكوفيين كلهم ويقدرون الآية: فإن فاؤوا فيهن، أم حتى يوقف الزوج فإمّا فاء وإمّا طلق، أو طلّق عليه السّلطان؟ هو قول علماء الحجاز والمدينة ومصر وكافة فقهاء أصحاب الحديث وأهل الظاهر، وتقدير الآية عند هؤلاء: فإن فاؤوا بعدهن، وهو مشهور قول مالك وأصحابه،


(١) الأحزاب: ٢٨، ٢٩.
(٢) التحريم: ٤.
(٣) البقرة: ٢٢٦.
(٤) ساقطة بالأصل، واستدركت بالهامش.

<<  <  ج: ص:  >  >>