للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٠ - (٣٧) حدّثنا مُحَمَّدُ بنُ الْمثنى، ومُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ - وَاللَّفْظُ لابْنِ الْمُثَنَّى - قَالا: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ قَتَادَةَ؛ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا السَّوَّارِ يُحَدِّثُ؛ أَنَّهُ سَمِعَ عِمْرَانَ بْنَ حُصَيْنٍ يُحَدِّثُ عَنِ النَّبِىِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: " الْحَيَاءُ لَا يَأْتِى إِلا بِخَيْرٍ "، فَقَالَ بُشَيْرُ بْنُ كَعْبٍ: إِنَّهُ مَكْتُوبٌ فِى الحِكْمَةِ: أَنَّ مِنْهُ وَقَارًا وَمِنْهُ سَكِينَةً. فَقَالَ عِمْرَانُ: أُحَدثُكَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَتُحَدِّثُنِى عَنْ صُحُفِكَ.

٦١ - (...) حدّثنا يَحْيَى بْنُ حَبِيبٍ الْحَارِثِىُّ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ عَنْ إِسْحَاقَ - وَهُوَ ابْنُ سُوَيْدٍ - أَنَّ أَبَا قَتَادَةَ حَدَّثَ؛ قَالَ: كُنَّا عِنْدَ عمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ فِى رَهْطٍ مِنَّا، وَفِينَا بشَيرُ

ــ

قال القاضى: الحياء أحد الشعب المحصورة، فهذا من [الأعداد المحصورة بالنص] (١)، وقد يعد الحياء من الإيمان بمعنى التخلق والتزام ما يوافق الشرع ويحمد منه، فرب حياء مانع من الخير مُجبن عن قول الحق، وفعله مذموم، ورب حياء عن المآثم والرذائل مأمور به يجازى عليه، كما جاء فى الحديث الآخر: " لكل دين خلق، وخُلق الإسلام الحياء " (٢). وكان الحياء من خلق نبينا محمد صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. وقد يكون الحياءُ فى بعض الناس غريزة وطبعاً جُبل عليه، ولكن استعماله على قانون الشريعة وحيث يجب يحتاج إلى اكتساب ونيَّةٍ وعلم.

وقد يكتسبه من لم يجبل عليه ويتخلق به؛ ولهذا كله قال: " الحياء لا يأتى إلا بخير ".

وقول عمران بن حصين لبشير بن كعب لما حدَّثه بهذا الحديث فقال بُشير: إنا لنجد فى بعض الكتب: إن منه سكينةً ووقاراً ومنه ضَعْفٌ: أُحدِّثك عن رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وتُعارض فيه وتحدثنى عن صحيفتك.

وغضبه عليه كما جاء فى الحديث حتى شهد له الحاضرون أنه لا بأس به، حماية أن يذكر مع السُنة ما ليس منها أو تعارض بغيرها مما يخالفها، لقوله: " ومنه ضعف "؛ ولئلا يتطرق من [فى] (٣) قلبه ريب إلى مثل هذا.

وأبو نُجَيد - المذكور هنا - هى كنية عمران بن الحصين بضم النون وفتح الجيم [مصغراً] (٤) وآخره دال مهملة.

ومعنى تعارضه: أى يأتى بمقال يضاهيه، ويعترض عليه بما يخالفه.


(١) فى الأصل: العدد المحصور.
(٢) مالك فى الموطأ، ك حسن الخلق، ب ما جاء فى الحياء ٢/ ٩٠٥. قال ابن عبد البر: رواه جمهور الرواة عن مالك مرسلاً.
(٣) و (٤) سقطتا من الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>