للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(١٤٨٨) قَالَتْ زَيْنَبُ: سَمِعْتُ أُمِّى أُمَّ سَلَمَةَ تَقُولُ: جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ ابْنَتِى تُوُفِّى عَنْهَا زَوْجُهَا، وَقَدِ اشْتَكَتْ عَيْنُهَا، أَفَنَكْحلُهَا؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " لا " مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا. كُلَّ ذَلِكَ يَقُولُ: لا. ثُمَّ قَالَ " إِنَّمَا هِى أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ وَعَشْرٌ، وَقَدْ كَانتْ إِحْدَاكُنَّ فِى الْجَاهِلِيَّةِ تَرْمِىِ بِالْبَعَرَةِ عَلَى رَأسِ الْحَوْلِ ".

(١٤٨٩) قَالَ حُمَيْدٌ: قُلْتُ لِزَيْنَبَ: وَمَا تَرْمِى بِالْبَعَرَة عَلَى رَأسِ الْحَوْلِ؟ فَقَالَتْ زَيْنَبُ: كَانَتِ الْمَرْأَةُ، إِذَا تُوُفىَ عَنْهَا زَوْجُهَا، دَخَلَتْ حِفْشًا، وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا، وَلَمْ تَمَسَّ طِيبًا وَلا شَيْئًا، حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ. ثُمَّ تُؤْتَى بِدَابَّةٍ، حَمِارٍ أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ، فَتَفْتَضُّ بِهِ، فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَىْءٍ إِلا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى بَعَرَةً فَتَرْمِى بِهَا، ثُمَّ تُرَاجِعُ بَعْدُ مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ.

ــ

تقديم ذلك وتأخير من سورتين موجود والإجماع متفق على أن الحول منسوخ، وأن عدة المتوفى أربعة أشهر وعشر، وبينه هذا الحديث المتقدم، وعلم منه أنه نسخه. وقيل: بل هو خص للأزواج على الوصية بتمام السنة لمن لا يرث من الزوجات، وما تقدم من نسخ الآية أشهر وأعرف.

وقوله: " قد كانت إحداكن فى الجاهلية ترمى بالبعرة على رأس الحول ": فسره فى الحديث.

قال الإمام: قال بعض العلماء: معنى رميها بالبعرة إشارة إلى أن طول مقامها فى سوء تلك الحال أسفاً على الزوج هين لما توجبه المراعاة وكرم العشرة، كما يهون الرمى بالبعرة. وقال بعضهم: معناه: أنها رمت بالعدة وراء ظهرها كما رمت بالبعرة.

وقوله: " دخلت حفشاً ": الحفش: الخص الحقير. وفى الحديث أنه قال لبعض من وجهه ساعياً [فرجع بمال] (١): " هلا قعد فى حفش أمّه ينتظر، هل يهدى إليه أم لا؟ ". قال أبو عبيد: الحفش: الدرج، وجمعه أحفاش. شبه بيت أمه فى صغره بالدرج. وقال الشافعى: الحفش: البيت الذليل القريب السمك، سمى به لضيقه. والتحفش: الانضمام والاجتماع وكذلك قال ابن الأعرابى.


(١) زائدة فى ع.

<<  <  ج: ص:  >  >>