للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " ابْتَاعِى فَأَعْتِقِى، فَإِنَّمَا الْوَلاَءُ لِمَنْ أَعْتَقَ "، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: " مَا بَالُ

ــ

حرّا - فيتعلق برواية من روى: أن زوجها كان حرًّا، ونحن نرجح مذهبنا عليه بأن نقول: راوى حال هذا الزوج ابن عباس وعائشة، وأما ابن عباس فلم يختلف الرواة عنه أنه قال: كان زوجها عبدًا، وأما عائشة فاختلف الرواة عنها، هل قالت: عبدًا أو حرًّا؟ والذى لا خلاف [فيه] (١) عنه أولى أن يتعلق بروايته ممن اختلف عنه.

وأما وجه الخلاف من جهة الاعتبار والمعنى، فإن مالكًا رأى أن العلة ما يدركها من معرة لما صارت حرة يكون زوجها عبدًا، وإذا كان زوجها حرًّا فلا معرة عليها ولا وجه لتخييرها. وأما المخالف فيرى أن العلة كونها معقودًا عليها بالجبر أولاً لحق العبودية، وإذا صارت إلى حال من لا يجبر لملكها نفسها كان لها حل العقد، ويتعلق فى ذلك مما قيل فى بعض الطرق: " وملكت نفسِك فاختارى "، وكما قال، فأشار إلى أن العلة ملكة النفس، وهذا يوجب المساواة بين الحر والعبد، وإذا أثبت لها الخيار فإنها إذا أمكنت الزوج من وطئها سقط خيارها، وإن زعمت أنها جاهلة بحكم الخيار، هذا المعروف من المذهب.

وقال بعض أصحابنا: فإن هذا بناءً على أنها ادعت، والآيسة من الجهل بالحكم لاشتهار هذا الحكم عند سائر الإماء، ولو كانت ممن يتبين جهلها - كحديثة العهد، كالسبى من السودان وغيرهم - لجرت على القولين فيمن زنى جاهلاً بحكم تحريم الزنى، هل يحد أَوْ لا؟ وقد تعلق بعض أصحابنا بأن فى بعض الأحاديث على الخيار لها بألا توطأ، ولم يعرف من وطئها جاهلة أو عالمة، والصحيح من هذا أنه إن لم يثبت أثر يسقط تخييرها إذا جهلت الحكم أنها باقية على حقها، ولا معنى لتخريجهم الخلاف فى ذلك، ولأن كل من يثبت له حق فلا يسقط إلا بنصه على إسقاطه، وفعل يقوم مقام النص، وتمكين العالمة بالحكم قائم مقام النص منها على إسقاط حقها فيسقط، وإذا كانت جاهلة لم يصدر عنها ما يدل على سقوط حقها، فبقيت على الأصل فى حقها فى ثبوته.

وأما الوجه الخامس: فقوله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " كل شرط ليس فى كتاب الله فهو باطل، وإن كان مائة شرط ": فيجب أن يعلم أن الشروط المقارنة للبيع لا تخلو من ثلاثة أقسام:

أحدها: أن يكون من مقتضى العقد كالتسليم، وجواز التصرف فى البيع. وهذا لا خلاف فى جواز اشتراطه؛ لأنه يقضى به وإن لم يشترط.

والثانى: ألّا يكون من مقتضاه، ولكنه من مصلحته كالحميل والرهن، واشتراط الخيار، فهذا - أيضًا - يجوز اشتراطه لأنه من مصلحته، وأشبه ما كان من مقتضاه، لكنه


(١) فى هامش الأصل.

<<  <  ج: ص:  >  >>