للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٥ - (١٥٠٥) وحدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ، عَنْ سُلَيْمَانَ

ــ

جهلوه؛ لأنه - عليه السلام - علم أنهم كانوا لا يبخلون عليه بما يعتقدون جوازه له، وأنهم إنما قدموا له أدم البيت، وتركوا اللحم الذى هو سيد الأدم لأمر اعتقدوه فيه، فيسألهم ليعرف ما اعتقدوه، ويبين لهم ما جهلوه كما كان.

وفيه من حسن الأدب والعشرة، قوله - عليه السلام -: " ما بال رجال "، ولم يواجههم بالخطاب، ولا حرج بأسمائهم.

وفيه جواز الصدقة على العبد؛ لاستسعائها عائشة، ولم ينكر ذلك النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وذلك فى التطوع، وكذلك معونة المكاتب من التطوع. واختلف فى معونته من الفرض. وفيه جواز بيع المرأة وشرائها بغير إذن زوجها. وجواز عتقها لعبدها وأمتها، ما لم ترد على تلف مالها وبرده زوجًا.

وفيه دليل على أن بيع الأمة المزوجة ليس بطلاق وكذلك عتقها، خلافًا لابن المسيب الذى يرى بيعها طلاقًا. وفيه جواز اكتساب المكاتب بالسؤال كما فعلت بريرة. وفيه أن البيان بالفعل أقوى منه بالقول؛ ولهذا أمر - عليه السلام - عائشة باشتراط الولاء لهم؛ ليبين لهم ذلك القول والتوبيخ على رأى بعضهم، كما قال - عليه السلام -: " إنى لأنسى - أو أنسى - لأسن " (١)، لاسيما على رأى من رأى أنه نسى عمدًا ليبين صورة السهو، وهذا الوجه أظهر التأويلات فى الحديث وهو لفظه، وقد جاء من رواية أيمن عن عائشة: "اشتريها ودعيهم يشترطون ما شاؤوا "، فاشترتها وأعتقتها، وشرط أهلها الولاء.

قال محمد بن داود الأصبهانى: أما قول النبى لها: " اشترطى لهم الولاء " إنما معناه: أن ذلك بعد علمهم، والنبى عنى غيرها بذلك، ولا نافع لهم، ولم يأمرها - عليه السلام - باشتراطه، ثم يبطل الشرط ويصحح البيع وهم غير عالمين ببطلانه، وإنما كان هذا منه تهديدًا لمن رغب عن حكمه وخالف أمره. وإليه مال الأصيلى وأبى أنه على ظاهره، وأنه أمرها بذلك ليقع البيع ويصح، ويبطل الشرط ويصح، ويكون ما قابل الشرط من الثمن، وحط له عقوبة فى المال لما خالفوا أمره، كما منع القاتل من الميراث عقوبة له. وقال الطحاوى: رواية الشافعى عن مالك فى هذا الحديث: " اشترطى لهم الولاء " بغير تاء، أى أظهرى لهم حكمه. وعلمهم سنته - كما تقدم - وليس من


(١) مالك فى الموطأ، ك السهو، ب العمل فى السهو ١/ ١٠٠ (٢).
قال ابن عبد البر: لا أعلم هذا الحديث روى عن النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مسندًا ولا مقطوعًا من غير هذا الوجه، وهو أحد الأحاديث الأربعة فى الموطأ التى لا توجد فى غيره مسندة ولا مرسلة، ومعناه صحيح فى الأصول.

<<  <  ج: ص:  >  >>