للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عُمَرَ، قَالَ: كُنَّا فِى زَمَانِ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبْتَاعُ الطَّعَامَ، فَيَبْعَثُ عَلَيْنَا مَنْ يَأمُرُنَا بِانْتِقَالِهِ مِنَ الْمَكَانِ الَّذِى ابْتَعْنَاهُ فِيهِ، إِلَى مَكَانٍ سِوَاهُ، قَبْلَ أَنْ نَبِيَعُه.

٣٤ - (١٥٢٦) حدّثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ مُسْهِرٍ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ. ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ نُمَيْرٍ - واللَّفْظ لَهُ - حَدَّثَنَا أَبِى، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللهِ، عَنْ نَافِعٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " مَنِ اشْتَرَى طَعَامًا فَلَا يَبِعْهُ حَتَّى يَسْتَوْفِيهُ ".

(١٥٢٧) قَالَ: وَكُنَّا نَشْتَرِى الطَّعَامَ مِنَ الرُّكْبَانِ جِزَافًا، فَنَهَانَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نَبِيعَهُ حَتَّى نَنْقُلَهُ مِنْ مَكَانِهِ.

ــ

وقول أبى هريرة لمروان: " أحللت بيع الصكاك " يريد صكوك الجاد المذكورة فى المدونة، وهى كتب يكتب لهم فيها طعام يأخذونه. والصكاك والصكوك جمع صك، وهو الكتاب.

قال القاضى: الذى نهى عنه من بيع صكوك الجار، عند أهل العلم من أئمتنا وغيرهم، أن يبيعها مشترى ما فيها لا الذى خرجت له فى أرزاقه ليقبضها فى الجار؛ لأن الذى خرجت فى أرزاقه ليس حكمه حكم المشترى وهو كمن وهبت له، ورافعها من أرضه، فله بيعها قبل كيلها وقبضها، وإنما كانوا يبيعونها من غيرهم ثم يبيعها المشترى من غيرهم قبل قبضها، فمنعوا من ذلك، وهكذا جاء فى الحديث مفسرًا فى الموطأ؛ أن صكوكًا خرجت للناس فى زمان مروان من طعام الجار فيتبايع الناس ذلك الصكوك بينهم قبل أن يستوفوها (١)، وذكر الحديث وهو فى مسلم مختصر. وفى الموطأ - أيضاً - ما هو أبين؛ أن حكيم بن حزام ابتاع طعامًا أمر به عمر بن الخطاب للناس، فباع حكيم الطعام قبل أن يستوفيه، فبلغ ذلك عمر فرده عليه، وقال: " لا تبع طعامًا ابتعته حتى تستوفيه "، وقد ذكر بعضهم أنه يحتمل أنه فسخ البيعتين بقوله آخر الحديث فى الموطأ: بيعة مروان، الحرس ينتزعونها من أيدى الناس ويردونها [إلى أهلها ولو كان إنما نقص بيعة المشترين الآخرين لقال: أتردونها] (٢) إلى من ابتاعها من أهلها.

قال القاضى: ولفظه يحتمل أن يريد بأهلها، فيستحق رجوعها إليه وأما قوله فى الحديث: " كنا نشترى الطعام من الركبان جزافًا، فنهانا رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أن نبيعه حتى ننقله من مكانه " فقد اختلف العلماء فيما بيع من الطعام جزافًا، هل هو مثل ما بيع على الكيل والعدد والوزن، يجوز بيعه قبل استيفائه ونقله أم لا؟ فمشهور مذهب مالك جوازه؛


(١) مالك فى الموطأ، ك البيوع، ب العينة وما يشبهها ٢/ ٦٤١ رقم (٤٤).
(٢) سقط من الأصل، واستدرك بالهامش بسهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>