للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦٢ - (...) وحدّثناه يَحْيَى بْنُ يَحْيَى، أَخْبَرَنَا هُشَيْمٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، بِهَذَا الإِسْنَادِ. غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: وَالْعَرِيَّةُ النَّخْلَةُ تُجْعَلُ للِقَوْمِ فَيَبِيعُونَهَا بِخَرْصِهَا تَمْرًا.

٦٣ - (...) وحدّثناه مُحَمَّدُ بْنُ رُمْحٍ بْنِ الْمُهَاجِرِ، حَدَّثَنَا اللَّيْثُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ. عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ، حَدَّثَنِى زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَخَّصَ فِى بَيْعِ الْعَرِيَّةِ بِخِرْصِهَا تَمْرًا.

قَالَ يَحْيَى: الْعَرِيَّةُ أَنْ يَشْتَرِىَ الرَّجُلُ ثَمَرَ النَّخَلاَتِ لِطَعَامِ أَهْلِهِ رُطَبًا. بِخَرْصِهَا تَمْرًا.

ــ

أوسق أو دونها. ولا معنى للتحديد على أصله؛ لأن للإنسان عندهم أن يرتجع الهبة قلّت أو كثرت.

وقد اختلف أهل اللغة فى هذه التسمية، فقال بعضهم: ذلك مأخوذ من عروت الرجل: إذا أتيته تسأل معروفه، فأعراه نخله على هذا: أعطاه ثمرها، فهو يعروها، أى يأتيها ليأكل ثمرها (١). وهم يقولون: سألنى فأسألته، وطلبنى فأطلبته، فعلى هذه الطريقة هى التى فسرها بها بعض أهل العلم، وهى التى صوب أبو عبيد فى التفسير وهو من أئمة اللغة، يتضح ما قاله مالك؛ لأن ما قاله الشافعى وأجازه ليس فيه هبة، ولا عطية.

وقد قال بعض أهل اللغة: إنها مأخوذة من كون المعرى قد أخلى ملكه عنها، وأعراها عن ملكه. وعلى هذا يصح صرف العرية إلى إخلائه ملكه من الثمر، أو من بعض الشجر. ويكون لما قاله الشافعى على طريقة هؤلاء فى الاشتقاق وجه. ويؤكد الشافعى - أيضاً - ما قاله بما ذكرناه من التفسير الذى حكاه مسلم فى كتابه.

وأما ما ذكرنا أنه وقع فى بعض الطرق هاهنا: أنه أرخص بعد ذلك فى بيع العرية بالرطب أو بالتمر، ولم يرخص فى غير ذلك، فهذا مخالف فى ظاهره لما أصلناه؛ لأنه لا يجوز بيعها بالرطب، وإنما هى رخصة فلا تجوز إلا على ما وردت به، وجل الأحاديث لم يذكر فيها إلا شراؤها بالتمر وهذا ينفى الذى وقع هاهنا بالرطب، أو بالتمر، لو تركنا، ومقتضى اللسان لاحتمل أن يكون شكًّا من الراوى هل قال النبى صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بالرطب أم قال بالتمر؟ وشك الراوى يمنع من التعلق به فى الرطب.

وقد وقع فى غير كتاب مسلم: عن خارجة بن زيد بن ثابت، عن أبيه؛ أنه صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رخص فى بيع العرايا بالتمر والرطب (٢). بخلاف ما رواه مسلم عن سالم بن عبد الله عن


(١) انظر: الاستذكار ١٩/ ١١٨.
(٢) أبو داود، ك البيوع، ب فى بيع العرايا رقم (٣٣٦٢)، النسائى، ك البيوع، ب بيع الكرم بالزبيب رقم =

<<  <  ج: ص:  >  >>